الروابط القطرية المغربية – علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية
2025/04/21
الأعوام الثقافية
false
2025/04/21
وبينما ينمو التحالف بين البلدين مزدهرًا، جاء العام الثقافي قطر-المغرب 2024 كاحتفاء نابض بالحياة ليشهد على صداقتهما الطويلة. يتناول هذا المقال الجوانب الأساسية في العلاقات بين قطر والمغرب من الالتزامات الدبلوماسية والمبادرات الاقتصادية إلى الروابط الثقافية الثرية التي تجمعهما.
إنّ تاريخ العلاقة الدبلوماسية بين قطر والمغرب ضارب الجذور ومميّز؛ حيث إن انطلاقها الرسمي يعود إلى عام 1972، ومذ ذاك حافظ البلدان على روابط قوية تتسم بالتعاون بينهما.
وخير شاهد على شراكتهما الدائمة هو وجود سفارة كل واحد منهما في عاصمة بلد الآخر؛ سفارة المملكة المغربية في الدوحة بقيادة سعادة السفير محمد ستري، وسفارة دولة قطر في الرباط بقيادة سعادة السفير الشيخ عبدالله بن ثامر بن محمد بن ثاني آل ثاني. تضطلع السفارتان بدور رئيس في تسهيل الحوارات الدبلوماسية والأحداث الثقافية وتقديم خدمات قنصلية أساسية شاملة إصدار جوازات السفر والتأشيرات.
زادت زيارات رفيعة المستوى أجراها قادة ومسؤولون من البلدين في توطيد العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ حيث التقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب في مناسبات عدة في قطر والمغرب لتباحث شؤون مختلفة من التنمية الاقتصادية إلى المبادرات الثقافية. إنّ مثل هذه الزيارات لخطوة سديدة لترسيخ عمق التحالف بين الدولتين والتأكيد على أهمية التعاون فيما بينهما لمعالجة القضايا العالمية والإقليمية.
أبرمت قطر والمغرب العديد من الاتفاقيات الثنائية في مختلف القطاعات، وذلك بهدف تقوية شراكتهما الاستراتيجية وتوطيد تعاونهما في الشؤون ذات المصالح المتبادلة.فقد وقّعت قطر والمغرب، في فبراير 2022، ست اتفاقيات ومذكرة تفاهم خلال أعمال الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة القطرية المغربية التي انعقدت في الدوحة، وهما يتماشيان مع الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والأمن في المنطقة.
تتميز العلاقة الاقتصادية التي تجمع بين قطر والمغرب بأنها حيوية ودائمة التطور وتأتي مدفوعة بروح أهداف الازدهار والابتكار المشتركة. وقد أضحت علاقات التجارة والاستثمار الثنائية أعمدة داعمة في بناء شراكتهما.
عرفت العلاقات التجارية بين قطر والمغرب نموًا ملحوظًا على مر السنين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما قيمة 931 مليون ريال قطري عام 2023؛ مسجلًا بذلك زيادةً تعادل نسبة 10% مقارنة مع العام الذي سبقه. كانت قطر والمغرب قد وقّعتا اتفاقية الاستثمار الثنائية عام 2001 لتسهيل مشاريع الاستثمار المتبادل بينهما. ويسهر مسؤولون من البلدين، بعقد اجتماعات منتظمة لهم، على إبقاء السياسات التجارية متماشية مع ما يخدم المصالح المشتركة للجانبين.
وفي مطلع عام 2023، عُقدت أعمال الجولة الثانية من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دولة قطر والمملكة المغربية في الدوحة، وهي تسعى إلى تعزيز تسهيل عمليات تبادل السلع والخدمات. وفي سبتمبر 2024، ترأست دولة قطر الاجتماع السادس لفريق عمل التعاون الثقافي المشترك الذي عُقد بمدينة طنجة المغربية، حيث ناقش هذا الاجتماع السنوي المهم الشراكة الاستراتيجية القائمة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة المغربية.
حققت قطر استثمارات جوهرية في مجاليْ البنية التحتية والعقارات في المغرب. ففي عام 2011، تأسس صندوق طموح للمشاريع المشتركة يُقدّر بقيمة 2 مليار دولار، بين المملكة المغربية وصندوق الثروة السيادي لدولة قطر، وذلك بهدف تمويل كبرى المشاريع التنموية.
أكدّ لقاء الأعمال القطري المغربي المنعقد مؤخرًا على رغبة البلدين المشتركة في توسيع آفاق علاقاتهما الاقتصادية والتجارية، منوّهًا بزيادة حجم المعاملات التجارية، ونسبة تواجد المؤسسات المغربية في قطر، والاستثمارات القطرية في المغرب، وإمكانية الرفع من حجم التعاون على مستوى القطاع الخاص، كل ذلك من خلال إنشاء شراكات فعالة وتحالفات تجارية.
تمثل المعارض التجارية ومنتديات الاستثمار السنوية منصات لتعاون رواد وقادة أعمال البلديْن، وهي تبرز جوانب الابتكارات التكنولوجية والتنمية المستدامة والمجالات الإبداعية. انعقد منتدى الأعمال القطري – الأفريقي العام الماضي في مدينة مراكش المغربية مواصلًا في درب التزامه بتمتين الروابط الاقتصادية بين البلدين. كما احتُفي بالمغرب كضيف شرف في الحدثيْن؛ معرض قطر الدولي للسياحة والسفر، ومعرض قطر للضيافة 2024، وهو حدث تجاري رائد لقطاعات الضيافة والصناعات الغذائية والسياحة في الدوحة.
تنبع روابط التعاون الثقافي من صميم العلاقة بين قطر والمغرب وهي تحتفي بالتقاليد المشتركة بينهما وتتبنى الأنشطة الإبداعية لهما. فقد عمل البلدين عن كثب على تطوير مبادرات تهدف إلى ترقية إرثهما الثقافي الفريد.
يعد مجال الأزياء والحرف الجوهر الذي تُبنى عليه الصداقة الجامعة بين قطر والمغرب، حيث نُظِّم العديد من فعاليات الموضة والتصميم في إطار العام الثقافي قطر-المغرب 2024.
جمع معرض قطر – المغرب : "رسم معالم مستقبل التصميم" تسعة مصممين من البلديْن لتَصوّر الحرف التقليدية بروح جديدة. إضافة إلى معرض بنشلال المُنظَّم في متحف قطر الوطني والذي ضمّ أعمالًا أبدعها المصمم المغربي الهولندي محمد بنشلال خلال إقامته الفنية في ليوان، استوديوهات ومختبرات التصميم في الدوحة.
كان للسينما دور محوري في تفعيل الحوار بين البلديْن، حيث أبرزت مهرجانات السينما لعام 2024، التي ضمت فسيفساء من المغرب، ومهرجان مراكش للفيلم القصير، التقاليد الثرية في سرد قصص السينما المغربية. كما اشتمل مهرجان أجيال السينمائي 2024 ونادي أجيال السينمائي في طنجة على مجموعة منتقاة من الأفلام المغربية تعرض آراء متنوعة حول القضايا المعاصرة.
وشهدت نسخة برنامج رحلة التصوير الفوتوغرافي بالتعاون مع مؤسسة "الجيل المُبهر" سفر مصورتيْن من قطر في رحلة التصوير الفوتوغرافي إلى الدار البيضاء، وفاس، والرباط، وطنجة، ومراكش، وشفشاون.
لقد كان للرياضة دور بارز أيضًا في توحيد العلاقات التي تربط قطر والمغرب. احتفى معرض الفرس للجديدة في المغرب، وجولة لونجين العالمية للفرسان التي نُظِّمت في الرباط لأول مرة، بتقاليد الفروسية المشتركة بين البلديْن.
وجمعت النسخة الثانية لجولة "CultuRide" الثقافية عُشّاق ركوب الدراجات الهوائية لاستكشاف المناظر الطبيعية الأكثر سحرًا وجاذبية في المغرب.
كما جاء مهرجان Her Game، من تنظيم مؤسسة الجيل المبهر بالشراكة مع أكاديمية ليد موروكو، مؤسسة غير ربحية، هادفًا إلى إنعاش التنمية الاجتماعية وتمكين المرأة.
في إطار مبادرة العام الثقافي قطر – المغرب 2024، عرض 3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي في قاعة الرياضيين المرموقة عدّاءان مغربيان شهيران هما العدّاء هشام الكروج، "ملك الميل"، والعدّاءة الرائدة نوال المتوكل.
احتفى العام الثقافي قطر – المغرب 2024 بالأواصر الوطيدة التي جمعت البلدين طوال عام كامل من التبادل. وأتت هذه المبادرة في نسختها الثالثة عشرة شاهدة على عديد الجوانب الثقافية المشتركة بينهما، إضافة إلى أنها باشرت بفتح سبل جديدة لتعاونهما.
يجلي معرض روائع الأطلس: رحلة عبر تراث المغرب البارز والمنظّم في متحف الفن الإسلامي ثقافة المغرب الزاخرة وإرثه التاريخي العريق.
فالعام الثقافي قطر – المغرب 2024 هو منصة تشيد بالمهارة الحرفية والبراعة الفنية في المغرب، من أبرز الأحداث معرض الحُلي الأمازيغية من القصر الملكي المغربي في متحف الفن الإسلامي. ومنحت ورشات عمل عن الحرف المغربية التقليدية مثل ورشة فن الخط المغربي المشاركين فرصة خوض تجربة عملية والاطلاع على الجوانب الثقافية للبلد.
زيّنت مبادرة جداري آرت الأماكن العامة في البلدين بأعمال فنية على الجدران في كل من مضمار السباق الأولمبي في قطر، وحديقة الحسن الثاني بالرباط، كرمز يوثّق شراكة الإبداع الدائم بينهما.
كما دعا جناح دار المغرب في حديقة متحف الفن الإسلامي الزوار لاكتشاف المغرب في تجربة غامرة تماما. افتتحت هذا الفضاء الثقافي سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني وصاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء.
استضافت مكتبة قطر الوطنية مجموعة رائعة من الندوات والمحاضرات وحلقات مطالعة طوال العام تركز كلها على تاريخ المغرب وتراثه مبرزة في ذلك الروابط الأدبية الدائمة بين الثقافتين.
اختتمت فعاليات المبادرة التي احتُفي بها طوال العام بعرض التبوريدة بالشقب، وهو استعراض لتقاليد الفروسية المغربية يمزج التاريخ بالثقافة والمهارات. كان هذا العرض الساحر لركوب الخيل خير التفافة تشيد بتقاليد الفروسية المشتركة بين قطر والمغرب.
يشهد التحالف بين دولة قطر والمملكة المغربية على تأثير الرابطة الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي. فبينما يواصل البلدان بناء إرثهما المشترك، تعكس شراكتهما نموهما والاحترام المتبادل فيما بينهما. إنّ إثراء هذه العلاقات يسهم في تذليل السبل الكفيلة بتوطيد صداقتهما ومدّ تعاونهما سنوات في المستقبل.
اطلعوا على المزيد حول فعاليات الأعوام الثقافية القادمة في قطر.