الدكتورة تارا ديجاردان تتحدث عن مشاركتها في معرض "مقعد على المائدة" بصفتها قيمة فنية
2025/08/06
الأعوام الثقافية
false
2025/08/06
وقد تحدثنا مع الدكتورة ديجاردان، التي تشغل حاليًا منصب كبير أمناء الفنون الزخرفية والتصميم في متحف لوسيل المرتقب، للتعرف بشكلٍ أكبر عن مصدر الإلهام الذي دفعها لتنظيم المعرض وعلى مسيرتها بصفتها قيمة فنية في قطر.
بدأت رحلة الدكتورة ديجاردان إلى متحف لوسيل من متحف الفن الإسلامي، حيث شغلت منصب قيِّمة قسم جنوب آسيا. وحول ذلك، قالت: "قبل انضمامي إلى متحف لوسيل في منصبي الحالي، كنتُ قيِّمة قسم جنوب آسيا في متحف الفن الإسلامي. وعملت في متحف الفن الإسلامي خلال معظم فترة الإعداد لإقامة معرض "مقعد على المائدة". ولم أنتقل إلى منصبي الجديد إلا في عام 2024. وكان سبب هذا الانتقال رغبتي في المساهمة في تطوير علم المتاحف الجديد لمتحف لوسيل، وهي فرصة مثيرة ومشروع رائع!"
وكان شغفها بالفن الإسلامي قد بدأ في سن مبكرة، حيث تتذكر قائلةً: "بدأ شغفي بالفن الإسلامي قبل سنوات طويلة عندما كنت في المرحلة الثانوية، وتعرَّفت على هذا المجال لأول مرة من خلال مقرر تاريخ الفن. وأذكر أنني كنت أجلس في قاعة المحاضرات، أتأمل الشرائح الكبيرة التي تعرض صورًا جميلة لمبانٍ مغطاة ببلاط بديع. وقد شدَّني تكرار الزخارف، وانجذبت إلى الرسالة الكامنة بأن الإخلاص غير المحدود لله يمكن التعبير عنه من خلال الهندسة والتصميم اللا متناهي. وكانت هذه رسالة بسيطة لكنها قوية للغاية."
يُعد معرض "مقعد على الطاولة" امتداداً لمعرض "وليمة مع السلطان: فنون الولائم الجميلة"، الذي أقامه في الأصل متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون. ولكن، بدلاً من استيراد المعرض كما هو، رأى فريق أمناء متحف الفن الإسلامي فرصة رائعة لابتكار تجربة فريدة من نوعها خاصة بدولة قطر، مع الحفاظ في الوقت نفسه على التعاون الوثيق مع متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون.
وتسترجع الدكتورة ديجاردان هذه الذكريات فتقول: "بدأنا مناقشاتنا مع قيّمة المعرض ليندا كوماروف في عام 2019، عندما كانت في خضم التخطيط لمعرضها. وفي البداية، كانت المناقشات تدور حول استعارة متحف الفن الإسلامي لبعض القطع الفنية، وأن يكون المتحف محطة محتملة لمعرضها المتنقّل. ولكن مع تعمقنا في الحديث حول المعرض، أدركنا أن جمهورنا مختلف تمامًا، وأن لدينا بالفعل مجموعة قوية وغنية من القطع الفنية التي يمكننا الاستفادة منها هنا في قطر، وهو ما جعل استضافة معرضهاأمرًا غير ضروري، ولكن أتيحت لنا بدلاً من ذلك فرصة رائعة لابتكار شيء جديد تمامًا. ومن هنا، تحول التعاون إلى شراكة بين القيّمين، حيث دعمتنا ليندا من خلال مشاركة محتوى معرضها، وكتابة مقال للكتيّب المصاحب لمعرضنا."
أوضحت الدكتورة ديجاردان أن معرض "مقعد على المائدة" يتناول موضوعًا محوريًا، وهو الطعام، الذي يُعدُ موضوعًا شخصيًا للغاية ومفهومًا على الصعيد العالمي في الوقت نفسه، إلا أن تنظيمه واجه بعض التحديات، حيث قالت: "كان من الصعب إنشاء معرض يحمل في طياته طابعًا شخصيًا عميقًا لكثير من الناس، وفي الوقت نفسه يعكس ممارسات مشتركة بين المسلمين حول العالم".
"أردنا سرد قصة تجمع بين الناس وتُبرز الروابط المشتركة في تقاليد الطعام التي تنبع من الثقافة الإسلامية. ولم نجد سبيلًا إلى ذلك سوى أن نُوائم الطعام بطبيعة جمهورنا اليوم، وأن نُظهر كيف أن كثيرًا من تقاليد الطهي قد نشأت في القرن السابع الميلادي، ومع ذلك انتشرت بين مجتمعات وثقافات متعددة، طورت من أساليبها على مر الزمن، واستخلصت منها تقاليدها الخاصة."
كان وراء تنظيم معرض بهذا الحجم جهد جماعي، حيث ساعد القيّم المشارك تسليم ساني في تشكيل أقسام العرض الرئيسية، وبصفته مساعدًا باحثًا في إدارة تنسيق المعارض، فقد ساهم في إثراء محتوى المعرض بطرق شتى، واضطلع بدور رئيسي في تطوير قصته.
أوضحت الدكتورة ديجاردان في معرض حديثها عن تسليم قائلة: "انجذب تلقائيًا إلى الأقسام التي تلامس اهتماماته الشخصية "الطعام والإيمان" (القسم 2)؛ و"شخصيتك في طبقك" (القسم 5)، وأخذ فيها زمام المبادرة في إعداد المحتوى بصورة مستقلة." ثم أضافت شارحةً: "مع تقدم المشروع، كل واحد منا كان مدركًا لدوره ومسؤولياته، لكننا واصلنا دعم بعضنا بعضًا؛ إذ كنا نحافظ على الاتصال المستمر، ونتبادل الملاحظات فيما يخص المحتوى. لقد كنا نعمل في هذا المشروع بروح الفريق."
لدى د. ديجاردان باعٌ طويل في مجال التنسيق التاريخي للمتاحف، والذي قادها لتنفتح على آفاق إبداعية جديدة في إنتاجها لمعرض "مقعد على المائدة". وعلَّقت ديجاردان على ذلك قائلة: "واجهنا من وقت لآخر بعض التحديات فيما يخص جوانب التعاون والوسائط المتعددة المعاصرة، وكذا في إعداد محتوى يناسب العائلات، خاصة وأن هذا هو أول معرض يشارك فيه فريق التعليم وتوعية المجتمع لدينا منذ مراحله الأولى، لكن النتيجة كانت رائعة."
لقد اضطلع متحف الفن الإسلامي بدور محوري في تكوين المعرض. وفي هذا السياق أشارت قائلة: "بما أن معظم المعروضات تعود لمجموعة متحف الفن الإسلامي الدائمة، فقد كان اختياره كموقع لاستضافة الحدث أمرًا بديهيًا، ثم إن المجموعة ساعدتنا كثيرًا في بناء السردية". وحيث إن متحف الفن الإسلامي يؤوي هذه الكنوز التاريخية، ويُعدُّ منبرًا لسرد القصص، فقد كان الخيارَ الأمثل لاحتضان معرضٍ يجمع قرونًا من تقاليد الطهي.
حينما سُئلت الدكتورة ديجاردان عمّا إذا كانت هناك قطعة محددة أو عمل فني يلفت الانتباه ومميز عن غيره من المعروضات، كان يصعب عليها انتقاء واحدة فقط. وقالت: "بكل صدق، لا توجد قطعة واحدة مميزة دون غيرها؛ نحن محظوظون للغاية في متاحف قطر، لامتلاكنا قطعًا استثنائية نستخدمها في عملنا. ولدينا الكثير من القطع التي لم تُعرض من قبل، أو التي شهِدت أعمال حفظ لأول مرة مثل ذلك الطبق الكبير المطلي بالك (الورنيش)، والموجود في قسم المعرض الثالث "المكونات الرحّالة"، والذي يكتسي أهمية بالغة من الناحية التاريخية، ما جعل البحث في تفاصيله وعملية حفظه تجربة شيّقة للقيّمين على المعرض."
يجمع هذا المعرض بسلاسة بين قطع تاريخية مصنوعة يدويًّا وأفلام طهو معاصرة، تنقل الماضي إلى الحياة بروح العصر الحديث. وفي هذا الصدد، أوضحت د. ديجاردان قائلة: "أدركنا منذ البداية أن إضفاء لمسة معاصرة على السياق التاريخي ضرورة لا مفر منها، حتى يظل الموضوع حيّا وقريبًا من الجماهير المتنوعة في قطر. لكن أردنا أيضًا إبراز دور الطهاة المستمر في صون تقاليد الطهي من جهة، وابتكار أطباق جديدة تجمع بين نكهتي الماضي والحاضر من جهة أخرى.
ترى الدكتورة ديجاردان، في ضوء السياق العام لمبادرة الأعوام الثقافية، أن قيمة هذه الشراكات الدولية تتمثل فيما تتركه من إرث خالد، وعبّرت عن ذلك موضحة: "لا بد من الإشارة دائمًا إلى أن التعاون يستمرّ حتى مع انتهاء العام الثقافي. بالنسبة مثلًا للولايات المتحدة، ثمة مسارات عدة يمكن أن تسلكها متاحف قطر لتواصل تبادل المعارف، والأعمال الفنية، وأفكار المعارض مع مؤسساتنا. وقد شكَّل هذا المعرض فرصة رائعة لتسليط الضوء على هذا الإرث."
يتناول معرض "مقعد على المائدة" في جوهره مفهوم الوحدة وروح المجتمع والتقاليد التي تجمعنا. وفي تعليق للدكتورة ديجاردان على المعرض، قالت: "آمل أن يتأمل الزوار الأهمية البالغة للتقاليد داخل مجتمعات العالم الإسلامي، وأن يدركوا في نهاية المطاف أن الروابط المشتركة بيننا أكبر من أية فوارق؛ فالطعام يوحّد الناس، ويقرّب بين الأصدقاء والعائلات، ويمد جسورًا بين الثقافات."
معرض "مقعد على المائدة" مفتوح أمام الجمهور بمتحف الفن الإسلامي حتى تاريخ 08 نوفمبر 2025. احجزوا تذاكركم مباشرة على الموقع الإلكتروني لمتاحف قطر .
تعرفوا أكثر على إرث العام الثقافي قطر - أمريكا 2021 والفعاليات القادمة ضمن العام الثقافي الحالي قطر – الأرجنتين وتشيلي 2025.