الأعوام الثقافية

false

false

العلاقات القطرية اليابانية – شراكة دائمة في مجالات الدبلوماسية والتجارة والثقافة

2025/04/24

تجمع بين دولة قطر واليابان علاقة متعددة الجوانب قائمة منذ زمن بعيد، ومبنية على الاحترام المتبادل والتعاون الاستراتيجي والتبادل الثقافي. وعلى مر العقود، ازدهرت شراكتهما في مجالات الدبلوماسية والتجارة والاستثمار، لتفضي إلى تحالف قوي في تطور مطرّد.
Qatar Japan relations

أحيت مؤخرًا الدولتان الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، ولا يزال تعاونهما نشيطًا كما السابق. من مشاريع اقتصادية إلى مبادرات ثقافية من قبيل العام الثقافي قطر اليابان 2012 التاريخي، تقوّي التبادلات المثمرة الرابط الذي يجمع البلدين.

ومع اقتراب إكسبو 2025 اليابان الذي طال انتظاره، سيتناول هذا المقال عمق العلاقات القطرية واليابانية، وأهم المحطات في تاريخ صداقتهما الدائمة. 

العلاقات السياسية بين دولة قطر واليابان

نشأت العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر واليابان رسميًّا عام 1972، إيذانًا بشراكة طويلة الأمد.

العلاقات الدبلوماسية القطرية اليابانية

لدى قطر سفارة في طوكيو، ممثلة بسعادة السفير جابر جارالله المري، بينما لدى اليابان سفارة في الدوحة، برئاسة سعادة السفير ناوتو هيساجيما، ما يسهل الحوار الدبلوماسي المستمر والتعاون بين البلدين. في أبريل 2023، أبرمت قطر واليابان اتفاقية إعفاء من التأشيرة لحاملي جوازات السفر العادية، ما زاد من تبادل الزيارات بين الشعبين والسياحة على نحو ملحوظ، وربط البلدين فيما بينهما.

زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى

تبادلت الدولتان على مر السنين العديد من الزيارات رفيعة المستوى، ما قوى العلاقات الثنائية بينهما؛ ففي شهر يوليو 2023، استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى السيد فوميو كيشيدا رئيس وزراء اليابان، في الديوان الأميري بدولة قطر. عقب جلسة المباحثات الرسمية، أعلن الطرفان رفع مستوى الشراكة إلى المستوى الاستراتيجي من أجل تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والدفاع والأمن والتبادل الأكاديمي. 


في مايو من عام 2024، كان سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة القطري قد التقى بنظيرته السيدة هوندا أكيكو، نائبة الوزير البرلماني للتعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا في اليابان، بمدينة الدوحة. وناقشا في لقائهما المثمر التعاون المستقبلي بين البلدين، مع تركيز خاص على معرض إكسبو 2025 أوساكا القادم.

العلاقات الاقتصادية بين قطر واليابان

إن الشراكة الاقتصادية بين قطر واليابان تاريخية وضخمة. وقد شهد التعاون الاقتصادي تطورًا على مدى عقود طويلة، مركّزًا على المصالح المشتركة والشراكات التي تستشرف المستقبل.

العلاقات الاقتصادية القطرية اليابانية

العلاقات التجارية بين قطر واليابان

عزز اكتشاف النفط والغاز الطبيعي في قطر علاقاتها التجارية مع اليابان بصورة ملموسة، خاصة منذ سبعينيات القرن الماضي، ما رسخ دعائم شراكة طويلة الأمد في مجال الطاقة. في عام 1996، أبرمت اليابان اتفاقية مع قطر لاستيراد، على مدى 25 عامًا، ستة ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا، وبعدها بعام، صدّرت قطر أول شحنة لها من الغاز الطبيعي المسال.

بحلول عام 2005، أصبحت اليابان أكبر شريك تجاري لقطر، إذ شكلت حوالي 40% من صادراتها وأكثر من نصف صادراتها من النفط الخام. أما في عام 2024 فقد بلغ حجم التجارة بين قطر واليابان 7.7 مليار دولار أمريكي.

الاستثمارات والمشاريع الاستراتيجية

وحتى عام 2024، عملت حوالي 30 شركة يابانية في قطر، معظمها في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية. وقد جاءت المشاريع المشتركة الاستراتيجية، مثل اتفاقيات إنتاج وتوريد الغاز الطبيعي المسال بين قطر للطاقة وشركات يابانية مثل جيرا وميتسوي، لتؤكد على قوة هذه العلاقة، من خلال عقود كبرى في مجالي الهندسة والإنشاء.

لدى جهاز قطر للاستثمار (صندوق الثروة السيادي)، استثمارات في اليابان تبلغ قيمتها نحو 646 مليون دولار أميركي (حوالي 100 مليار ين)، وتشمل حصة 5% في شركة كوكوساي إلكتريك، وعقارات سكنية في مختلف المدن اليابانية الكبرى.

في عام 2024، شاركت دولة قطر في المنتدى الاقتصادي الياباني- العربي الخامس في طوكيو، الذي جمع بين جامعة الدول العربية ووزارة الخارجية ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان. تباحث المنتدى سبل التعاون في مجالات رئيسية مثل أمن الطاقة، والطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والابتكار، والتنمية المستدامة، والموارد البشرية.

العلاقات الثقافية بين قطر واليابان

كان للتبادل الثقافي دور أساسي في العلاقات القطرية اليابانية، إذ زاد من الاحترام المتبادل والتقدير بين البلدين.

العلاقات الثقافية القطرية اليابانية

مبادرات ثقافية من سفارة اليابان في الدوحة

تشجع السفارة اليابانية في الدوحة المبادرات الثقافية في قطر، إذ تشارك سنويًا في مجموعة واسعة من الفعاليات في الدوحة. خلال بطولة كأس آسيا 2023، استضافت السفارة عرضًا سينمائيًا وعرضًا للكيمونو في الحي الثقافي كتارا ضمن احتفالاتها. وخلال معرض الدوحة الدولي للكتاب 2023، احتضنت السفارة جناحًا لليابان استعرضت فيه الحرف اليدوية التقليدية، وقدمت عروضًا لفن الخط، وحفل شاي ياباني.

التبادل الأكاديمي

متَّنت التحالفات التعليمية العلاقات بين البلدين أكثر فأكثر. ففي قطر توجد المدرسة اليابانية التي تُدرّس المنهج الياباني، وهي معتمدة بالكامل من وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا في اليابان. كما تقدم جامعة حمد بن خليفة برنامجًا رائعًا للغة اليابانية في معهد دراسات الترجمة.

تقدم الحكومة اليابانية منحًا دراسية (تعرف باسم منحة MEXT) للطلاب القطريين الراغبين في مواصلة تعليمهم العالي في اليابان، ما يُعزّز الروابط طويلة الأمد بين الشباب في كلا البلدين.

قطر -اليابان 2012: النسخة الافتتاحية لبرنامج الأعوام الثقافية

في عام 2012، احتفى البلدان بالعام الثقافي قطر- اليابان. وهذا الحدث الذي شكّل مبادرة متميزة، لا يعتبر مجرد احتفاء بالذكرى الأربعين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين فحسب، وإنما يمثّل أيضًا أولى نسخة لبرنامج الأعوام الثقافية.

قطر- اليابان، نسخة الأعوام الثقافية لعام 2012

 وطيلة البرنامج الذي امتد لعام كامل، نُظّمت مجموعة متنوعة من الفعاليات والعروض والتبادلات، التي سلطت الضوء على التراث الغني والفنون المعاصرة لكلا البلدين.

انطلق العام بحفل افتتاح ضخم في طوكيو، دشّن رسميًا التبادل الثقافي بين البلدين. كان "الأسبوع القطري: فرجان في طوكيو" الذي نُظم في حي روبونجي بمثابة تمثيل تاريخي دقيق لسوق تقليدية احتضنت سلسلة من المعارض والعروض والمحاضرات من تقديم مؤسسات قطرية.

استضاف متحف الفن الإسلامي محاضرة عن الكيمونو وعرضًا له، تعرف الجمهور في قطر خلالهما على تاريخ هذا الزي الياباني المميز وبراعة صنعته، كما قُدّم عرض مثير لدق طبول وادايكو مسافرًا بهذا النمط الموسيقي التقليدي إلى قطر. وشجعت أيضًا مسابقة مانغا الشعبية على سرد القصص من خلال الفن الياباني للقصص المصورة.

الفعاليات الثقافية القطرية اليابانية

احتضن جاليري الرواق التابع لمتاحف قطر في الدوحة معرضًا بعنوان "الذات" للفنان موراكامي تاكاشي، وهو أكبر مجموعة أعمال على الإطلاق للفنان الياباني المعاصر تُقدَّم للجمهور، وأول مشاركة للفنان في منطقة الشرق الأوسط.

ولم تكتف هذه النسخة الأولى من استعراض تقاليد كل بلد وابتكاراته الفريدة فحسب، بل وطدت أيضًا عُرى الصداقة والتفاهم، فاتحةً بذلك باب التعاون المستقبلي، وممهدةً الطريق أمام كل الأعوام الثقافية القادمة.

الذكرى الخمسون للعلاقات الدبلوماسية والذكرى العاشرة للأعوام الثقافية

خلف العام الثقافي قطر-اليابان 2012 إرثًا عميقًا وطويل الأمد. وقد تزامنت الذكرى العاشرة لبرنامج الأعوام الثقافية عام 2022 مع ​​الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين قطر واليابان.

وشهدت هذه المناسبة العديد من الفعاليات التذكارية، منها التبادل الفني "حوار على ورق" بين الفنان القطري القدير يوسف أحمد والفنان الياباني هاياكي نيشيغاكي، والذي أفضى إلى معرض مستوحى من فن الخط العربي نُظِّم في اليابان.

العلاقات الدبلوماسية القطرية اليابانية

نُظِّمت أيضًا مسابقة لرسم المانغا عام 2022، بعد مرور عقد على المسابقة الأصلية، وخصصت جوائز قيمة للفائزين. في هذا الإطار، انعقدت فعالية مجتمعية في الدوحة لفناني المانغا وعشاقها. كما أصدرت مبادرة الأعوام الثقافية كتيبًا تذكاريًا يضم أعمال الفنانين المختارين. 

مشاركة قطر في إكسبو 2025 أوساكا

في أبريل 2024، سافر وفد من المسؤولين القطريين إلى اليابان ليضعوا حجر الأساس للجناح القطري ضمن احتفالية أُحييت في أوساكا. وقد ضم الوفد سعادة السيد جابر جارالله المري، سفير دولة قطر لدى اليابان، وسعادة الشيخ علي بن الوليد آل ثاني، رئيس لجنة الإعداد والتحضير لمشاركة دولة قطر في إكسبو 2025.

يُنظم معرض إكسبو 2025 أوساكا، من 13 أبريل إلى 13 أكتوبر، تحت شعار "ابتكار المستقبل لتحسين حياة المجتمعات"، ويُركز على سبل إنقاذ حياة الناس وتمكينهم ومد جسور التواصل بينهم. يحتضن المعرض أجنحةً تُمثل 150 دولة، ومن المتوقع أن يستقبل هذا الحدث العالمي المرموق في اليابان أكثر من 80 مليون زائر.

خاتمة

إن العلاقة متعددة الجوانب التي تجمع قطر باليابان هي مثال يحتذى به للشراكة الناجحة التي تقوم على أسس الاحترام المتبادل، والمصالح الاقتصادية المشتركة، والتقدير العميق للتبادل الثقافي.

وفيما يستمر البلدان في التعاون في مختلف القطاعات، يمثل تحالفهما الدائم نموذجًا للتعاون الدولي.

اكتشفوا فعاليات الأعوام الثقافية القادمة في قطر

المزيد من المقالات