الأعوام الثقافية

false

false

أصوات تشيلية في قطر - دانييلا بيدمار تتحدث عن اللغة والهوية والانتماء

2025/07/16

تحدثنا مؤخرًا مع دانييلا بيدمار، وهي معلمة تشيلية وقائدة ثقافية وطيارة عسكرية سابقة تقيم في قطر منذ تسع سنوات. وفي إطار العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025، تتناول الكاتبة مواضيع الهوية واللغة والدور الحيوي للأصوات اللاتينية في قطر.
Chilean Voices in Qatar

وبدايةً من تأسيس أول محطة إذاعية ناطقة بالإسبانية في البلاد إلى قيادة برامج متعددة اللغات في إحدى الجامعات الكبرى، تعكس قصة دانييلا التزامًا باللغة والتبادل الثقافي والتواصل الهادف بين المجتمعات. وإلى جانب عملها في مجاليّ التعليم والإعلام، أسست دانييلا كذلك مجتمعًا مزدهرًا من خلال شغفها برياضة البادل.

الحياة في قطر

عندما انتقلت دانييلا بيدمار إلى قطر في عام 2016، كانت تبحث عن مكان يمكن لأطفالها أن ينموا فيه، ويدعم مسيرتها المهنية في مجال التعليم. ولم تكن تعرف ما ينتظرها تحديدًا، لكن سرعان ما شعرت في قطر وكأنها وطنها.

وتستدعي دانييلا هذه التجربة فتقول: "جئتُ إلى قطر عام ٢٠١٦ بحثًا عن أفضل الفرص التعليمية لأطفالي في شكل منهجٌ تعليميٌّ دولي يتضمن برامج لغوية قوية. تخيّلتُ مكانًا يُمكّنهم من النمو والازدهار في بيئةٍ متعددة الثقافات، ويُمكّنني من مواصلة النموّ المهنيّ في مجال التعليم."

Daniela Bedmar Interview Family -  AR   .jpeg

وإلى جانب مشاعر الإثارة التي صاحبت وصولها إلى مكان جديد، كان الترحيب الدافئ واللحظات اليومية البسيطة هي ما ساعدها على الاستقرار. وردًا على سؤال عن اللحظة التي بدأت تشعر فيها وكأن قطر قد أصبحت وطنًا بالنسبة لها، قالت: "منذ اللحظة التي أدركت فيها مدى أمان قطر وترحيبها بالوافدين. والحياة اليومية هنا مريحة، والشعور بالأمان لا مثيل له، وهو جعل الاستقرار وتكوين أسرة أمرًا طبيعيًا ومطمئنًا."

من طيّارة عسكرية إلى مُعلّمة مُبتكرة

Daniela Bedmar Chilean Air Force -  AR   .jpeg

بدأت المسيرة المهنية لدانييلا في سلاح الجو التشيلي، حيث شغلت وظيفة طيارة عسكرية ومهندسة إدارية. وحول ذلك، تقول: "كان سلاح الجو جزءًا أساسيًا من حياتي. فقد درستُ وتدربتُ في مدرسة الطيران، حيث قمت بالتدريس وإدارة العمليات. وقد صقلت تلك التجربة انضباطي وإحساسي بالمسؤولية وقدرتي على القيادة المنظمة والهادفة، وهي صفات أحرص على أن ترافقني في جميع مناصبي حتى اليوم".

Daniela Bedmar Interview Military -  AR   .jpeg

رؤيتها بشأن اللغة والثقافة والانتماء

تشغل دانييلا حاليًا منصب منسقةً برامج اللغات الإسبانية والبرتغالية والروسية في جامعة حمد بن خليفة، وترى أن اللغة شيءٌ عميقٌ وراسخ، حيث تقول: "بالنسبة لي، اللغة هي رابط حي. وعندما وصلتُ إلى قطر، حلمتُ بأن أجعل اللغة الإسبانية معروفة ومقدرة على نطاقٍ واسع، ليس باعتبارها لغة فحسب، بل كتجربةٍ ثقافيةٍ متأصلة في أكثر 21 دولة، حيث ترتبط اللغة بالطعام والموضة والموسيقى والتاريخ".

Daniela Bedmar Interview -  AR   .jpeg

وتنعكس هذه الفلسفة في عملها بجامعة حمد بن خليفة، حيث أتيحت لدانييلا فرصة بناء العديد من التبادلات الثقافية من خلال برامج اللغات الإسبانية والبرتغالية والروسية. وفي هذا الصدد، قالت دانييلا: "تتبنى قطر التعددية الثقافية واللغوية. وبصفتي مواطنة تشيلية، فقد لمستُ بنفسي الاهتمام بتوسيع نطاق تعليم اللغات هنا. وقد عزز العمل مع السفارات والمجتمعات المحلية لدي القدرة على إدراك كيف تساعد اللغات في بناء جسور التفاهم والاحترام والانتماء".

محطة "هولا قطر" والإعلام الثقافي الإسباني في قطر

في الفترة التي سبقت استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم، كانت دانييلا جزءًا من الفريق المؤسس لمحطة "هولا قطر"، وهي أول محطة إذاعية رسمية ناطقة باللغة الإسبانية في البلاد. وحول ذلك، أوضحت دانييلا قائلةً: "أرادت المؤسسة القطرية للإعلام إنشاء قناة رسمية باللغة الإسبانية للتواصل مع ملايين الزوار الناطقين بالإسبانية، وهو ما أتاح لنا فرصة رائعة لتمثيل لغتنا وثقافتنا".

Daniela Bedmar Interview Radio Presenter -  AR   .jpeg

وبالنسبة لدانييلا، كان المشروع يتجاوز مجرد البث الإذاعي، إذ أصبح وسيلة لصناعة شعور بالانتماء لمجتمع الناطقين بالإسبانية في قطر. وحول ذلك، تقول: "عندما أسمع اللغة الإسبانية في سيارتي أو عبر الإذاعة، أشعر وكأنني في وطني. إنها وسيلةٌ فعّالةٌ للبقاء على تواصلٍ مع جذورنا، وخاصةً لمن يعيشون بعيدًا عن أوطانهم. وهذا يدل على أن قطر تُقدّر فعلًا تنوّع مجتمعاتها."

وتضيف: "حظيت بشرف إطلاق أول بث للمحطة في الثاني من نوفمبر. وقد كانت لحظة مؤثرة ولا تنسى عندما قلت "Vamos" (هيا بنا) وسمعنا صوتنا ينطلق مباشرة عبر الأثير لأول مرة." 

بناء مجتمع - داخل الملعب وخارجه

Daniela Bedmar Interview - Padel -  AR   .jpeg

بينما ساعدت اللغة دانييلا على إرساء أسس التبادل الثقافي، أصبحت الرياضة أداةً غير متوقعة لتعزيز الروابط الاجتماعية. فقد تحول شغفها في البداية برياضة البادل إلى شبكةٍ مزدهرة تضم أكثر من 100 سيدة في قطر. وحول ذلك، تقول دانييلا: "أنا شغوفة برياضة البادل. فقد رأيتُ فيها فرصةً لبناء مجتمعٍ للنساء من مختلف الجنسيات للالتقاء وتبادل الخبرات والتواصل من خلال الرياضة".

Daniela Bedmar Padel Community -  AR   .jpeg

وحول ذلك، تقول دانييلا: "غالبًا ما تتجاوز الروابط التي تُبنى على أرض الملعب حدود اللعبة. وقد أدركتُ أنها ملاذي، ووسيلةٌ للهروب من التوتر وتعزيز التواصل مع الآخرين". وينبع هذا الشغف بالمجتمع من تجربة دانييلا الشخصية الرامية لإيجاد وطنٍ جديد وبناء صداقاتٍ دائمة. وفي هذا الصدد، تقول: "مجتمعنا التشيلي في قطر صغيرٌ لكنه مترابطٌ جدًا. وقد جاء معظمنا مع عائلاته بحثًا عن تجارب جديدة. ونحن ندعم بعضنا البعض، ونبقى على تواصل، ونتشارك التقاليد التي تُبقينا على صلة بثقافتنا، بدايةً من الطعام إلى اللغة".

صياغة مستقبل اللغة الإسبانية في قطر 

يتجه الفصل التالي في مسيرة دانييلا نحو البحث الأكاديمي. فهي حاليًا طالبة دكتوراه، وتبحث في مجال انتشار اللغة الإسبانية في منطقة الشرق الأوسط.

تقول دانييلا: "تُركّز رسالة الدكتوراه الخاصة بي في مجال التربية على تعزيز اللغة الإسبانية في قطر ومنطقة الشرق الأوسط بشكلٍ أوسع، حيث أعمل على تطوير نماذج أعمال مبتكرة لدعم النمو اللغوي والثقافي، وهو ما يُكمّل دراستي السابقة في الماجستير بتخصص تدريس اللغة الإسبانية كلغة أجنبية".

Daniela Bedmar Chilean Flag -  AR   .jpeg

وتتميز رؤيتها بأنها طموحة وملهمة، حيث تقول: "أتخيل أن اللغة الإسبانية ستصبح جزءًا لا يتجزأ من التعليم والإعلام والتبادل الثقافي، على قدم المساواة مع اللغات الرئيسية الأخرى. ومع تزايد اهتمام المؤسسات والسفارات والطلاب، أعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح لتحقيق ذلك."

العام الثقافي قطر – الأرجنتين وتشيلي 2025 

مع انطلاق فعاليات العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025، ساهمت دانييلا بأفكار وأنشطة لبرنامج هذا العام. وحول ذلك، أوضحت قائلةً: "أتشرف بكوني فردًا من أفراد الجالية التشيلية وبالمساهمة في إبراز صورة بلدي". وأضافت: "تُساهم المشاركة في هذا التبادل الثقافي في تعزيز حضور الأصوات اللاتينية وتوطيد العلاقات بين بلداننا."

Daniela Bedmar in Chile -  AR   .jpeg

بالنسبة لدانييلا، يتجاوز التبادل الثقافي الحقيقي حدود الفعاليات، فهو كما تقول: "يتعلق بالاحترام المتبادل والفضول والتجارب المشتركة التي تترك أثرًا دائمًا".

وردًا على سؤال حول أهم ما استخلصته من العيش بين ثقافتين مختلفتين؟ تقول دانييلا: "الطعام! فهو يحمل في طياته الهوية والذكريات وروابط الانتماء. وأنا أدخل النكهات التشيلية إلى بيتي في قطر، وأمزج بين الثقافتين كل يوم."

اكتشف الفعاليات المقبلة في قطر وأمريكا اللاتينية خلال العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025.

المزيد من المقالات