أصوات أرجنتينية في قطر - ماورو إنجينيري يتحدث عن كرة القدم والثقافة والمجتمع
2025/07/25
الأعوام الثقافية
false
2025/07/25
عندما وصل ماورو إنجينييري إلى الدوحة لأول مرة، لم يكن يتخيل مدى الشعور بالانتماء وكأنه يعيش في وطنه بمدينة الدوحة. وُلد ماورو في الأرجنتين وتدرب على تنظيم الفعاليات الكبرى، ووصل إلى قطر بهدف واحد وهو المشاركة في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا - قطر 2022 ™.
وبصفته منتج فعاليات أرجنتيني يتمتع بخبرة في تنظيم مشاريع دولية متعددة، لم يكن بإمكان ماورو تفويت فرصة المساهمة في أعرق بطولة لكرة القدم في العالم. وحول ذلك، يقول ماورو: "تقدمتُ بطلبي على الفور. وشعرتُ أنها فرصة العمر، وكان ذلك حتى قبل أن تُتوّج الأرجنتين بطلةً للعالم!".وبعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء البطولة، لا يزال ماورو يعتبر قطر وطنًا له.
بصفته خبيرًا في الفعاليات الرياضية والترفيهية الكبرى، لطالما حلم ماورو بالعمل في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم. وحول ذلك، يقول: "لكن القيام بذلك هنا، في الشرق الأوسط لأول مرة، جعل الأمر أكثر أهمية. لقد أتاحت هذه البطولة لي فرصة للنمو المهني وتجربة الانتماء إلى ثقافة جديدة".
وعزز فوز الأرجنتين التاريخي من روعة التجربة. يقول ماورو: "فوز أحد أعظم الفرق الأرجنتينية في التاريخ أضفى مزيجًا من المشاعر التي لن أنساها أبدًا". ويتذكر لحظات النشوة الخالصة التي تقاسمها المشجعون القطريون والأرجنتينيون معًا بقوله: "كان الأمر أشبه بالحلم؛ فقد اندمجنا جميعًا في كيان واحد. وحتى الآن، لا يزال الأرجنتينيون الذين عاشوا تلك اللحظات بشكل مباشر يتحدثون عنها. ذلك الإحساس سيبقى معنا إلى الأبد."
لاحظ ماورو سريعًا الروابط الوثيقة بين الثقافتين الأرجنتينية والقطرية، حيث يوضح قائلًا: "بعد أن عملت عن قرب مع القطريين، واستقبالي بحفاوة واندماجي في ثقافتهم، لاحظتُ أوجه تشابه كثيرة بيننا مثل أهمية العائلة، وتقدير كرم الضيافة، والشغف بالتجمع حول الطعام، والاعتزاز بالتقاليد، وهذه مجرد أمثلة على مدى عمق الترابط بين ثقافتينا".
وبعيدًا عن الملاعب، يتذكر ماورو كيف تحوّلت أماكن مثل سوق واقف ومشيرب ولوسيل خلال البطولة إلى نقاط تجمّع عفوية التقى فيها مشجعون من جميع أنحاء العالم. وحول ذلك، يقول: "حتى المشجعون القطريون شاركونا في غناء الأغاني الأرجنتينية".
بالنسبة لماورو، غالبًا ما يبدأ التبادل الثقافي في المطبخ، أو على فنجان قهوة، حيث يقول: "لقد حالفني الحظ بالعمل مع قطريين من أجيال مختلفة، وهناك اهتمام حقيقي بثقافتنا، وطعامنا، وتقاليدنا، وموسيقانا، ومشروب المتة".
وقد أصبح الطعام لغة تواصل مشتركة. ويقول ماورو عن زملائه القطريين: "من خلال تبادل تقاليدنا معًا، نتناول الكرك والمعمول صباحًا، ونتناول المتّة مع الميديالوناس بعد الظهر. إنه حقًا تبادل فريد ومميز للغاية". ويمتلك بعض أصدقائه الآن أكوابًا خاصة بهم لتناول مشروب المتّة، ويحتفظون باليربا في منازلهم أو مكاتبهم. وحول ذلك، يقول ماورو: "من الرائع حقًا أن نرى كيف تنتقل الثقافة من مكان إلى آخر".
ويسير هذا التبادل في الاتجاهين، حيث يقول ماورو: "أنا أعشق القهوة العربية، والكرك، والتمر، وجميع الحلويات التقليدية. كما أن أصدقائي وزملائي القطريون يعرّفونني باستمرار على أشياء جديدة. وأشعر بأنني محظوظ جدًا لخوض كل هذه التجارب!"
على الصعيد المهني، كانت فترة تجربة ماورو في العمل بدولة قطر تجربة محورية، حيث يقول: "لقد كانت بحق دورة مكثفة في التعاون. وقد علمني العمل ضمن فرق متعددة الثقافات أن النجاح يعتمد بشكلٍ أساسي على فهم كيفية يعمل الناس القادمون من ثقافات مختلفة، ويتواصلون، ويحلون المشكلات. وهذا النوع من الوعي الثقافي يُحدث فرقًا حقيقيًا."
كما أشار إلى المعايير العالية للغاية التي تتبناها قطر، حيث قال: "لقد دفعتني هذه البيئة إلى إيلاء المزيد من الاهتمام للتفاصيل، والتحرك بسرعة أكبر، والسعي الدائم لتحقيق الجودة، حتى في ظل الضغوط المتواصلة"
لكن أكثر ما يشعر ماورو بالفخر تجاهه هو مساهمته في شيء دائم الأثر، حيث يقول: "أهم درس تعلمته هو إدراكي أن كل فعالية تُنظَّم هنا تحمل في طياتها بُعد الإرث. وبصفتنا متخصصين في تنظيم الفعاليات لدينا فرصة للمساهمة في عمل سيبقى محفورًا في ذاكرة المحليين والدوليين على حدٍ سواء. وهذا يُضفي على العمل معنًى مختلفًا تمامًا".
رغم أن الأرجنتين تبعد أكثر من 13,000 كيلومتر عن الدوحة، إلا أن ماورو لا يزال يشعر بقربه من جذوره. وحول ذلك، يقول: "نحن بطبيعتنا اجتماعيون جدًا، لذا نحافظ على تواصلنا من خلال الرياضة، واستكشاف قطر معًا، أو حتى مجرد عطلة نهاية أسبوع نُقيم فيها حفل شواء جيد".ويضيف: "الطعام، والموسيقى، والأحاديث هي دائمًا جوهر تجمعاتنا، حيث تبقينا هذه الأشياء قريبين من بعضنا البعض، أينما كنا في العالم."
ولكن، ما النصيحة التي يقدّمها ماورو للأرجنتينيين الذين انتقلوا مؤخرًا إلى قطر؟ يقول: "كونوا منفتحين ومحترمين، ولا تخافوا من طرح الأسئلة. فالقطريون يتمتعون بحفاوة استثنائية، وإذا ما تعاملتم معهم باهتمام حقيقي، فسيسعدون دائمًا بالمشاركة والمساعدة والتفاعل". ويضيف: "حاولوا استكشاف مناطق مختلفة من قطر كل أسبوع – فهناك الكثير مما يستحق المشاهدة."
عندما طُلب من ماورو ذكر لحظة واحدة مفضلة من كأس العالم فيفا - قطر 2022 ™، لم يتردد لحظة واحدة. وأكد قائلاً: "آخر مباراتين كانتا ببساطة لا تُنسَيان. وبالنسبة لأي مشجع لكرة القدم، بغض النظر عن جنسيته، كانتا مباراتين رائعتين. لكن بالنسبة لنا كأرجنتينيين نعيش هنا ونشارك في تنظيم البطولة، كان الأمر يفوق الوصف. ولا زلت أشعر بالقشعريرة كلما تذكرت ذلك المزيج من المعاناة والفرح والدراما الخالصة".
وأضاف: "تخيل أنك تؤدي عملك خلال نهائي بطولة كأس العالم بينما يلعب منتخب بلادك. ولم تكن المباراة النهائية مجرد مباراة عادية، بل واحدة من أكثر المباريات إثارة في تاريخ كرة القدم. حينها كان المرء يشعر بالرغبة في البكاء والضحك والقفز والصراخ في آن واحد. لقد كانت لحظة فريدة جمعت كل المشاعر معًا."
ولا يزال ماورو يحمل في نفسه شعورًا بالفخر بعد ما رآه في ذلك اليوم، وفخره بكونه أرجنتينيًا في قطر شارك في تنظيم حدث عالمي أسر قلوب العالم، حيث يقول: "ما جعل الأمر أكثر تميزًا هو دعم المجتمع المحلي. فقد كانوا يغنون ويحتفلون معنا، ويشاركوننا مشاعرنا. لقد شعرتُ بأنها كانت لحظة وحدة حقيقية. ولن أنسى أبدًا رؤية القطريين وهم يلوحون بأعلامنا، ويهتفون معنا، ويعيشون معنا لحظات الفرح والحزن."
أظهرت بطولة كأس العالم لكرة القدم كيف يمكن أن يبدو التبادل الثقافي في أبهى صوره بفعل المشاعر المشتركة، والاحترام المتبادل، وحب اللعبة الذي يتجاوز الحدود.
وتجسد تجربة ماورو روح مبادرة الأعوام الثقافية، حيث تذكرنا بأن الجسور الثقافية الدائمة لا تُبنى فقط من خلال الفعاليات الكبرى، بل في اللحظات اليومية، أثناء تناول القهوة، وتبادل الأحاديث الودية، والإحساس بالانتماء للمجتمع.
استكشف الفعاليات المقبلة ضمن برنامج العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025