العلاقات القطرية الفرنسية – الروابط السياسية والاقتصادية والثقافية
2025/01/15
الأعوام الثقافية
false
2025/01/15
بدأت العلاقات السياسية الرسمية بين قطر وفرنسا بافتتاح السفارة القطرية في فرنسا عام 1972، بعد عام من استقلال الدولة. وفي عام 1974، أبرمت الدولتان اتفاقية ثنائية. ومنذ ذلك الحين، تعمقت العلاقات بينهما وتطورت بشكل مستمر على مدى عقود من الزمن.
استقبل المسؤولون في الدوحة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون عدة مرات خلال الأعوام الأخيرة، وجرى توقيع العديد من الاتفاقيات بين الدولتين. ويُمثل الحوار الاستراتيجي بين دولتي قطر وفرنسا أداة دبلوماسية أساسية تتيح إجراء المحادثات الرسمية وتنسيق العمليات المتعلقة بالمشاريع الكبرى، حيث عُقدت أول جلسة له بالدوحة في 28 مارس 2022.
تقع سفارة قطر في باريس في شارع تيلسيت، ويتولى فيها سعادة الشيخ علي بن جاسم آل ثاني منصب سفير دولة قطر لدى فرنسا. ويقع مقر السفارة في فندق لاندولفو-كاركانو الشهير، ومنذ 2020 تفتح أبوابها كل عام للاحتفاء بمناسبة فعاليات أيام التراث الأوروبي السنوية.
أما سفارة فرنسا في دولة قطر، فتقع في منطقة الخليج الغربي، ويترأسها السفير جان باتيست فافر، وتخدم هذه السفارة حوالي 5500 مواطن فرنسي مقيم في قطر.
تتسم العلاقات الاقتصادية بين قطر وفرنسا بنشاطها المستمر، وتقويها اتفاقيات تجارية راسخة واستثمارات متبادلة ضخمة في العديد من المجالات. كما تتميز قطر وفرنسا بعلاقات تجارية ثنائية قوية، تتجاوز باستمرار مليار دولار أمريكي سنويًا منذ عام 2014، حيث وصلت إلى ما يقارب 1.7 مليار دولار في عام 2021.
في عام 2023، أصدرت وكالة ترويج الاستثمار في قطر وبيزنس فرانس تقريرًا مشتركًا حول "العلاقات التجارية الثنائية والاستثمار الأجنبي المباشر بين قطر وفرنسا"، والذي سلط الضوء على حجم ونجاح هذا التعاون.
لدى قطر استثمارات عديدة في فرنسا، ولعل أبرزها هو استثمارها في نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم الشهير، والذي كان أغلبه مملوكًا لشركة قطر للاستثمارات الرياضية منذ عام 2011. كما يوجد حاليًا أكثر من 120 شركة فرنسية مسجلة تعمل في قطر.
كادران هي رابطة اقتصادية فرنسية قطرية تأسست في عام 2015 بمبادرة من مجتمع الأعمال القطري في فرنسا. وتهدف المؤسسة إلى تعزيز تبادل الأفكار بين مجتمعات الشركات القطرية والفرنسية، وبناء قاعدة قوية للتعاون المستقبلي.
تتحلى العلاقات الثقافية بين فرنسا وقطر بالحيوية وتعدّد جوانبها، وتتجلى في العديد من المبادرات التعليمية والثقافية التي تبني جسور الروابط بين الدولتين. كما امتدت المشاريع التعاونية بين قطر وفرنسا إلى مجالات متنوعة مثل الأزياء، والهندسة المعمارية، والأفلام السينمائية، وفنون الطهي، وغيرها المزيد.. وتعكس هذه التعاونات العميقة التزام الدولتين المشترك بتطوير التفاهم المتبادل والتقدير الثقافي.
يضطلع المعهد الفرنسي في قطر بدور رئيسي في الترويج للثقافة الفرنسية في دولة قطر، من خلال تقديم دروس في اللغة، وورشات عمل متحورة حول مواضيع معيّنة، وتنظيم فعاليات متنوعة، وإتاحة مكتبة ثقافية متعدّدة الوسائط. وينظم المعهد أيضًا العديد من الفعاليات للكبار والصغار حول الأدب الفرنسي في معرض الدوحة الدولي للكتاب.
دأبت دولة قطر على استضافة المهرجانات الثقافية الفرنسية، والمعارض الفنية، والعروض السينمائية، وغيرها الكثير. ويقدم مركز اللغات بمعهد دراسات الترجمة في الدوحة بدوره فرصة تعلم اللغة الفرنسية للمجتمع. وتشمل المؤسسات التعليمية الفرنسية في الدوحة مدرسة ليسيه بونابرت والمدرسة القطرية – الفرنسية فولتير. وقد أسهمت التبادلات التعليمية المتنوّعة والشراكات بين الجامعات في توثيق هذه الروابط بشكل أعمق، والتي شملت "يوم فرنسا في قطر" الذي نُظّم مؤخرًا.
وفي عام 2022، كشف سعادة الشيخ علي بن جاسم آل ثاني، سفير دولة قطر لدى فرنسا، الستار عن لوحة شكر في معهد العالم العربي، تُكرّم دولة قطر على دعمها لمشروع بيت اللغة العربية.
في أوائل هذا العام، أعلن دليل ميشلان الفرنسي المرموق عن توسيع دائرة نشاطاته لتشمل دولة قطر، مع إصدار أول دليل ميشلان الدوحة 2025.
وصرّح جويندال بولينيك، المدير الدولي لدليل ميشلان، قائلًا: "في الأعوام الأخيرة، تابع مفتشونا عن كثب تطور فنون الطهي في الدوحة، مستمتعين بتنوع النكهات الفريدة التي تزخر بها هذه المدينة المتسارعة في النمو."
افتتح الشيف الفرنسي الشهير آلان دوكاس، المعروف بلقب "مهندس النكهات"، أول مطعم للمأكولات الراقية في الدوحة بمتحف الفن الإسلامي في عام 2013، مطعم إدام الذي يجمع بين مطبخ البحر المتوسط والنكهات العربية في أجواء رائعة مع تصميم بديع للمهندس المعماري الفرنسي المُبدع فيليب ستارك.
ثم افتتح هذا الشيف الشهير جيوان، مطعمه الثاني في قطر، والذي يقع في الطابق الرابع بمتحف قطر الوطني، ويرفع من مكانة المطبخ القطري من خلال تركيزه على استخدام المنتجات المحلية.
كان للمعماريين الفرنسيين دور بارز في تصميم بعض من أشهر المباني في قطر وأكثرها تميزًا، حيث يستمدّ مركز تسوق بلاس فاندوم الفاخر في قطر تصميمه من براعة العمارة الفرنسية الكلاسيكية، والذي حصد في عام 2023 لقب "أجمل مركز تسوق في العالم" في إطار جائزة فرسايالمرموقة.
وقد صمم المعماري الفرنسي الحائز على جائزة بريتزكر، جان نوفيل، مبنى متحف قطر الوطني الأخّاذ في الدوحة.
وفي عام 2022، نُظّمت فعالية خاصة في باريس لتكريم المعماري جان نوفيل والشيف آلان دوكاس لدورهما في تقوية العلاقات الثقافية الإبداعية بين قطر وفرنسا.
تتميز قطر وفرنسا بتاريخ رياضي عريق مشترك، تجلى في مشاركة 14 رياضيًا قطريًا في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024. هذه المشاركة جعلت قطر تحتلّ الصدارة مرة أخرى في مجال الرياضة، حيث أحرز الرياضي معتز عيسى برشم الميدالية البرونزية في فئة الوثب العالي للرجال.
شهدت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ وصول المنتخب الفرنسي إلى نهائي البطولة في استاد لوسيل بالدوحة. وفي وقت سابق من هذا العام، قدّم 3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي عرضًا سينمائيًا ومعرضًا فنيًا يحتفي بلاعب كرة القدم الأسطوري الفرنسي زين الدين زيدان.
تتشارك فرنسا وقطر علاقة حيوية في مجال تصميم الأزياء، تجسّدت في فعاليات العام الثقافي قطر-فرنسا 2020، حيث احتُفي بالأزياء الفرنسية الراقية إلى جانب إبداعات المصممين القطريين.
عرضت مبادرة فاشن ترست العربية، غير الربحية، لمحة عن أفضل الأزياء من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أبرزت إبداعات المصممين الصاعدين خلال أسبوع الموضة في باريس في يناير 2020. وقد انعقد حفل استقبال الضيوف المرموقين في السفارة القطرية، وضمّ كارين رويتفيلد، وإيلي صعب، وفريدة خلفة.
قدمت دار الأزياء الفرنسية الفاخرة هيرميس معرضها المتنقل بعنوان "قصة حقيبة" في متحف قطر الوطني بالدوحة. كما استكشفت سلسلة معارض "Hermès Heritage" مسيرة العلامة التجارية الفاخرة منذ نشأتها حتى وقتنا الحالي.
في عام 2020، قدّم العام الثقافي قطر-فرنسا في نسخته التاسعة جدولًا غنيًا من البرامج تضمن مجموعة من الاحتفالات والمعارض وعروض الأداء والفعاليات.
تشمل أبرز الفعاليات معرض "عالمنا يحترق" (Our World is Burning) الذي انعقد في قصر طوكيو، باريس، بالإضافة إلى تعاون فني ضمن فعاليات مهرجان "الليلة البيضاء" للفنون المعاصرة.
نظمت مبادرة الأعوام الثقافة رحلة ملهمة إلى باريس لـ 12 مصممًا قطريًا صاعدًا من جامعة فرجينيا كومنولث كلية فنون التصميم في قطر، لعرض أعمالهم في معرض التصميم "ميزون آند أوبجيت" الشهير.
بالتعاون مع متحف بيكاسو الوطني في باريس، نُظِّم معرض "إستوديوهات بيكاسو" في مطافئ: مقر الفنانين بالدوحة، مقدمًا للزوار لمحةً فريدةً عن الفضاءات الإبداعية المتنوعة التي طوّر فيها الفنان أعماله خلال مسيرته.
شهد عام 2022 تنظيم العديد من الفعاليات الهادفة في إطار احتفالات الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين قطر وفرنسا. وكان "مشروع أوبيسون للنسيج" ثمرة تعاون بين الفنانة القطرية المعاصرة بثينة المفتاح والمؤسسة الفرنسية لمشروع المدينة الدولية للنسيج في أوبيسون، التي يمتدّ تاريخها على مدى 6 قرون.
تتجلى روابط الصداقة الدائمة بين قطر وفرنسا في ارتباطاتهما السياسية والاقتصادية والثقافية البارزة منذ بداية العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
في إطار الإرث الغني الذي كان نتاج برنامج العام الثقافي قطر-فرنسا 2020، أقيمت معارض متنوعة خلال عام 2024 في الدوحة، من بينها معرض "شوميه والطبيعة"، ومعرض مجوهرات فيM7، ومعرض "بين نظرة ونظرة: جيروم، فن وأثر" في متحف: المتحف العربي للفن الحديث.
اكتشفوا المزيد عن برنامج العام الثقافي في نسخته الحالية.