الأعوام الثقافية

false

false

العلاقات القطرية الصينية - شراكة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة

2025/05/18

تطورت العلاقات بين قطر والصين لتشكّل شراكة حيوية متعددة الأبعاد، يتأصّل فيها الاحترام المتبادل، والطموح المشترك، والالتزام بالتفاهم الثقافي. وعلى مر العقود، توطدت العلاقات بين البلدين في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية.
Qatar China Relations

يستكشف هذا المقال الركائز الأساسية للتحالف بين قطر والصين من خلال تعاونهما السياسي، والتآزر الاقتصادي الذي يجمعهما، وتبادلاتهما الثقافية النشيطة - مع التطرّق إلى المحطّات الهامة التي مرَا بها، مثل الحدث البارز الذي تمثّل في العام الثقافي قطر- الصين 2016، وأحيا هذه العلاقات وجعلها تفرض وجودها بطرق استثنائية.

العلاقات السياسية بين قطر والصين

تعود العلاقات الدبلوماسية بين قطر والصين إلى يوليو 1988، الشيء الذي مهد الطريق نحو سلسلة من الزيارات الرسمية، والحوارات الاستراتيجية، واتفاقيات الشراكة. وقد استمرت هذه الروابط في النمو على نحو ملحوظ، حيث انخرطت الدولتان في تبادلات سياسية منتظمة رفيعة المستوى.

العلاقات الدبلوماسية القطرية الصينية

تمثل الصينَ سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى دولة قطر، التي يرأسها حاليًا سعادة سعادة السفير تساو شياولين، الذي كان له الفضل في زيادة حجم المشاركة الدبلوماسية وتعزيز التعاون الثنائي.

أما بعثة قطر في الصين فتمثّلها سفارةُ دولة قطر في بكين، التي يرأسها سعادة السفير محمد بن عبد الله الدهيمي، الذي يشرف على الشؤون الدبلوماسية، ويعزز المصالح القطرية في الصين.

دخلت اتفاقية الإعفاء من التأشيرة حيّز التنفيذ في عام 2018، وعمّقت مستوى التواصل السياحي بين البلدين.  وبدورها توفّر الخطوط الجوية القطرية رحلات مباشرة من الدوحة إلى ستّ مدن صينية وهي: بكين، وشانغهاي، وهانغتشو، وغوانجو، وتشونغتشينغ، وتشنغدو.

التحالفات والزيارات الدبلوماسية 

شكلت الزيارات الدبلوماسية محطات مهمة في تقوية التحالف القطري الصيني؛ ففي يناير 2019، أجرى صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، زيارة دولة رسمية إلى الصين، والتقى بفخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ. 

وناقش الزعيمان الجهود المشتركة في قطاعات الطاقة والتجارة والبنية التحتية والأمن الإقليمي. وأكدت الزيارة على العمق الاستراتيجي لعلاقاتهما الثنائية. وفي عام 2022، حضر سمو الأمير مأدبة غداء رسمية مع كبار الشخصيات والقادة في بكين، وذلك بمناسبة انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الـ24.

العلاقات الاقتصادية بين قطر والصين

تُعدّ العلاقات التجارية بين قطر والصين من بين أكثر العلاقات حيوية في منطقة الخليج وآسيا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 24.5 مليار دولار أمريكي في عام 2023، لتكون الصين بذلك أكبر شريك تجاري لقطر، ويعود ذلك أساسًا إلى صادرات الغاز الطبيعي المسال.

العلاقات الاقتصادية القطرية الصينية

في عام 2022، وقّعت قطر للطاقة اتفاقية تاريخية لتوريد الغاز الطبيعي المسال مدتها 27 عامًا، مع شركة سينوبك الصينية للبتروكيماويات، ما يعكس الثقة الطويلة المدى في شراكة الطاقة. ويمثل هذا الاتفاق أطول عقد لتوريد الغاز الطبيعي المسال يُوقَّع على الإطلاق.

العلاقات التجارية بين قطر والصين

بالإضافة إلى ذلك، ينخرط البلدان في فعاليات من قبيل منتدى الأعمال القطري الصيني، ومشاريع ضخمة مثل مجمع صناعي لطريق الحرير في قطر بالمناطق الحرة. وفي عام 2022، شارك سمو الأمير في قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية.

كما حصلت قطر على صفة شريك حوار في قمة منظمة شنغهاي للتعاون لعام 2022، التي عُقدت في سمرقند، أوزبكستان. وفي عام 2023، شاركت قطر أيضًا في الدورة الأولى لاجتماع وزراء الاقتصاد والتجارة من جمهورية الصين الشعبية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مدينة غوانجو الصينية.

تُشجع هذه المشاريع على استمرار مبادرات التعاون في مجال الأعمال بين قطر والصين في قطاعات البنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة الخضراء.

الاستثمارات والمشاريع الاستراتيجية

في السنوات الأخيرة، استثمرت قطر في مبادرة الحزام والطريق، الصينية والطموحة، بينما انخرطت الشركات الصينية بنشاط في تطوير البنية التحتية لقطر، والتي شملت الاستعدادات لكأس العالم FIFA قطر 2022. وقد شيّدت شركةُ السكك الحديدية الصينية الدولية المحدودة استاد لوسيل، وهو أكبر الفضاءات التي كانت مجهّزة لاحتضان بطولة كأس العالم 2022، بطاقة استيعابية تصل إلى 80 ألف متفرج، لينضاف هذا الإنجاز الضخم في سجلّ التعاون القطري الصيني.

العلاقات الثقافية بين قطر والصين

للدبلوماسية الثقافية دور فعّال في توطيد العلاقات بين قطر والصين، حيث احتضنت الدولتان تقاليد بعضهما البعض بفعالية من خلال مبادرات في مجالات الفنون والتعليم والتراث.

Qatar China cultural relations - AR.jpg

الباندا الصينية رمزٌ للصداقة

ومن الأمثلة البارزة على هذا التبادل وصول زوج من الباندا العملاقة إلى قطر، احتفالًا بكأس العالم FIFA قطر 2022، وكان لحضورهما دلالة قوية على الصداقة التي تجمع البلدين، فهما هدية من الشعب الصيني إلى الشعب القطري. ويعيش دبّا الباندا الصينيان العملاقان، سي هاي وجينغ جينغ، الآن في بيت الباندا المُصمّم خصيصًا لهما في حديقة الخور، وهما أول باندا عملاقة تدخل الشرق الأوسط.

شراكات المتاحف والمعارض الثقافية

في سبتمبر 2024، وقّعت متاحف قطر اتفاقية تعاون مع المتحف الوطني الصيني، إيذانًا ببدء عهد جديد من التبادل الثقافي بين البلدين. يهدف هذا التعاون إلى تقوية الروابط الثقافية وترسيخ التفاهم المتبادل من خلال المعارض المشتركة والجهود التعاونية في مجال حفظ التراث. وجاء ذلك عقب توقيع مذكرة تفاهم في ديسمبر 2023 مع متحف العاصمة بكين استعدادّا للانخراط في تعاونات مستقبلية بين المتاحف.

التبادلات بين قطر والصين في مجالي التعليم واللغة 

أثْرت قطر والصين التبادل الأكاديمي بينهما من خلال المنح الدراسية، وتعليم لغة الماندرين، والشراكات بين مؤسسات مثل جامعة قطر وجامعات صينية متنوّعة. ويشارك طلاب من البلدين في برامج للتبادل تهدف إلى تعزيز التفاهم المتبادل.

في يونيو 2023، نظمت جامعة داليان للتكنولوجيا "مخيم الجسر الصيني الصيفي للطلاب الأجانب في قطر"، وهو أول برنامج يدعمه مركز التعاون اللغوي، ويتيح للطلاب من دول الخليج زيارة الصين، حيث حصل الطلاب القطريون في هذا المخيم على فرصة للاطلاع عن كثب على الثقافة والتعليم الصينيين.

في يوليو 2023، أطلقت وزارة التعليم والتعليم العالي في قطر معسكرًا للغة الصينية لمدة أربعة أسابيع في الصين لطلاب المدارس الحكومية. ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز المهارات اللغوية والتفاهم الثقافي بين الطلاب القطريين. 

وفي ديسمبر 2024، تعاونت السفارة الصينية في الدوحة مع جامعة حمد بن خليفة لاستضافة فعالية للتبادل اللغوي والثقافي بين قطر والصين، ألقى فيها عدد من الطلاب القطريين خطابات باللغة الماندرينية وقصائد صينية كلاسيكية، ما أبان عن تطوّر في اكتسابهم لهذه اللغة وشغفهم بها.

قطر-الصين 2016: النسخة الخامسة من مبادرة الأعوام الثقافية

شكّل العام الثقافي قطر-الصين 2016 محطّة بارزة في العلاقات الثقافية الثنائية؛ إذ جمع بين التراث والابتكار عبر جدول حافل بالفعاليات. وقد استُهلّ بحفل افتتاحي مدهش تضمن عرضًا يحاكي أسلوب جيانغنان، ونُظّم الحفل بجهود مشتركة بين متاحف قطر وقسم الثقافة في تشجيانغ.

نسخة 2017 من مبادرة الأعوام الثقافية قطر- الصين

قدّم معرض "كنوز الصين" في متحف الفن الإسلامي تُحفًا نادرة وعريقة من الحضارة الصينية الطويلة والحافلة بالأحداث، مُقدّمًا لجمهور قطر لمحةً نادرةً وعميقة في التاريخ الصيني. كما سلّط معرض "حرير من طريق الحرير" الضوء على تقاليد النسيج الغنية التي ربطت الصين بالعالم العربي عبر التاريخ.

الفعاليات الثقافية القطرية الصينية

احتفى جاليري متاحف قطر- الرواق بالإبداع المعاصر من خلال معرض ماذا عن الفن؟ فن معاصر من الصين، الذي أشرف على تقييمه فنيًا كاي قو تشيانغ، وقدّم أصواتًا متنوعة ضمن المشهد الفني الصيني الحديث.

 وكان للتصوير الفوتوغرافي دور محوري أيضًا، حيث قدّم معرض ثقافات من زوايا مختلفة أعمال أربعة مصورين صينيين ومصوّرَيْن قطريَيْن سافر كلّ منهم إلى بلد الآخر لتوثيق روح الحياة اليومية في كل ثقافة.

شارك شابان قطريان أيضًا في ماراثون سور الصين العظيم، وهو سباق عبر تضاريس وعرة بمسافة 42 كيلومترًا، يتضمن صعود أكثر من 5 آلاف درجة على طول سور الصين التاريخي العظيم.

كان المهرجان الصيني من أبرز لحظات العام التي لا تُنسى، احتضنته حديقة متحف الفن الإسلامي، وانخرط فيه الزوار عن كثب بين ثنايا الثقافة الصينية في الدوحة، من خلال أسواق تقليدية، وأكشاك طعام أصيلة، وحفلات شاي، وعروض حية، وأنشطة تفاعلية تناسب العائلات.

الفعاليات الثقافية القطرية الصينية

وإجمالًا، أظهرت النسخة الخامسة من مبادرة الأعوام الثقافية ثراء التبادل الثقافي بين قطر والصين. وتناولت المبادرة كيفية تواصل الدول من خلال سردهم للقصص، وقيمهم المشتركة، وتجاربهم الثقافية.

ختامًا،

تطورت العلاقات القطرية الصينية من بداياتها التي كانت تقتصر على المجال الدبلوماسي إلى شراكة استراتيجية تضمّنت التعاضد السياسي والاقتصادي والثقافي. ومن السفارات إلى المعارض، ومن صفقات الطاقة إلى المشاريع التعليمية، يواصل التحالف تعميق روح التعاون في جميع المجالات. وبينما يستشرف البَلَدان المستقبل، فإن رؤيتهما المشتركة عن التواصل والاحترام المتبادل والابتكار تُمهّدان الطريق لعلاقة دائمة وأكثر نشاطًا.

اكتشفوا فعاليات الأعوام الثقافية القادمة في قطر

المزيد من المقالات