الأعوام الثقافية

false

false

العلاقات القطرية البريطانية - شراكات سياسية واقتصادية وثقافية

2025/01/16

تتجذر العلاقات الدبلوماسية بين قطر والمملكة المتحدة بعمق في الروابط السياسية والتجارية والثقافية المشتركة، والتي تمتد لعقود من التعاون. وتستمر العلاقة بين البلدين في التطور من الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة إلى التبادل الثقافي الديناميكي.

سنستكشف العلاقات السياسية والشراكات الاقتصادية والروابط الثقافية بين قطر والمملكة المتحدة، مع التركيز على تعاونهما المستمر في مجالات مثل التجارة والتعليم.

كما وسنلقي نظرة على أبرز فعاليات العام الثقافي قطر - المملكة المتحدة 2013، والذي يرمز إلى متانة العلاقات الثقافية النشيطة بين البلدين.

العلاقات السياسية بين قطر والمملكة المتحدة

تطورت العلاقات السياسية بين قطر والمملكة المتحدة بشكل مطرد منذ منتصف القرن العشرين. ففي عام 1916، أصبحت قطر تحت الحماية البريطانية رسميًا، ثم نالت استقلالها في عام 1971. ومنذ ذلك الحين، حافظت الدولتان على علاقات دبلوماسية قوية واستباقية.

وبُغية تعزيز العلاقات السياسية المعاصرة مع قطر، أنشأت المملكة المتحدة سفارتها في الدوحة في عام 1949، والتي يقودها اليوم سعادة السيد نيراف باتيل، سفير المملكة المتحدة لدى دولة قطر. وتقدم السفارة خدمات التأشيرات والخدمات القنصلية لحوالي 20 ألف مواطن بريطاني يعيشون على أرض قطر. وعلى نحو مماثل، افتتحت دولة قطر سفارتها لدى المملكة المتحدة في منطقة ماي فير بلندن عام 1970، ويشغل سعادة السيد فهد محمد العطية حاليًا منصب السفير.

ويظل الحوار الدبلوماسي حجر الزاوية في العلاقات الثنائية بين البلدين، وهو ما ينعكس على الحوار الاستراتيجي الأول بين قطر والمملكة المتحدة، الذي عقد في لندن في فبراير 2023. وهذا الحوار الرسمي بين سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والسيد جيمس كليفرلي، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، تناول قضايا سياسية وأمنية رئيسية، منها تغير المناخ والدفاع والاستقرار في المنطقة العربية.

وينعكس الالتزام بمواصلة تعزيز التحالف بين قطر والمملكة المتحدة أيضًا في الزيارات الرسمية المهمة التي جرت في السنوات الأخيرة. فقد رحب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى في داونينج ستريت في مايو 2022، في حوار مثمر حول التحديات الجيوسياسية والنمو الاقتصادي.

كان جلالة الملك تشارلز الثالث قد زار قطر ثلاث مرات من عام 2013 إلى عام 2015، حيث التقى بحضرة صاحب السمو الشيخ الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى. وحضر مهرجان ذوي الإعاقة والفنون الذي أقيم في كتارا بالدوحة، والذي يُمثل أكبر احتفال بالأشخاص ذوي الإعاقة في مجال الفنون في الشرق الأوسط حتى وقتنا هذا.

وبمناسبة تتويجه في عام 2023، رحب جلالة الملك تشارلز الثالث كذلك بحضرة صاحب السمو، أمير البلاد المفدى، وسمو الشيخة جواهر في حفل استقبال خاص لأعضاء العائلات المالكة من جميع أنحاء العالم.

العلاقات الاقتصادية بين قطر والمملكة المتحدة 

تتمتع قطر والمملكة المتحدة بشراكة اقتصادية مزدهرة، تتميز بالاستثمارات المتبادلة وحجم التجارة الكبير،  ما يصل إلى 12.1 مليار جنيه إسترليني في عام 2022. وفي السنوات الأخيرة، وقعت المملكة المتحدة وقطر العديد من اتفاقيات التجارة ذات المصالح المتبادلة.

ومن أبرز اتفاقيات التجارة بين البلدين هي شراكة الاستثمار الاستراتيجية بين قطر والمملكة المتحدة، التي تم توقيعها في عام 2022. وبموجب هذه الاتفاقية، التزمت قطر باستثمار 10 مليارات جنيه إسترليني في المملكة المتحدة على مدى خمس سنوات. أما في قطاع الطاقة، تُعد شركة النفط البريطانية الهولندية رويال داتش شل مستثمرًا مهمًا في صناعة الغاز الطبيعي المسال في قطر. تؤكد هذه الشراكة على أهمية التعاون في مجال الطاقة بين البلدين.

استثمر صندوق الثروة السيادي القطري، جهاز قطر للاستثمار، بشكل كبير في مشاريع وأعمال تجارية بريطانية شهيرة، بما في ذلك برج ذا شارد، وكناري وارف، ومتجر هارودز. كما استثمر جهاز قطر للاسثمار ما قيمته 85 مليون جنيه إسترليني في مجموعة رولز رويس. وكان لهذه الاستثمارات تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي، وتُسهم في دعم التحالف القوي بين البلدين.

العلاقات الثقافية بين قطر والمملكة المتحدة

لطالما كان التبادل الثقافي في مجالات مثل الفنون والتعليم والتراث ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية بين دولة قطر والمملكة المتحدة. حيث يتعاون البلدان بانتظام في المعارض في المتاحف والبرامج التعليمية. تعكس هذه الجهود تعاضدًا كثيفًا، وتعزز الحوار بين الثقافات، وتثري المشهد الثقافي لكلا المجتمعين.

اللغة والتعليم

المجلس الثقافي البريطاني هو المؤسسة الدولية للمملكة المتحدة المتخصصة في توفير الفرص التعليمية، ويؤدي دورًا مهمًا في توطيد العلاقات الثقافية؛ ففي قطر، يقدم المجلس الثقافي البريطاني دروسًا في اللغة الإنجليزية، ويروج الفنون والتعليم. كما يقدم شهادة إتقان اللغة الإنجليزية (آيلتس) الرسمية في الدوحة، مع مركزين للاختبار.

تقدم أكثر من 40 مدرسة دولية المنهج البريطاني في قطر، والتي من ضمنها مدرسة الدوحة البريطانية وكلية الدوحة.

واضطلعت مؤسسة قطر بدور رئيسي في تهيئة فرص التعليم العالي للطلاب القطريين في المملكة المتحدة، حيث يدرس حوالي 3200 طالب قطري في الجامعات البريطانية.

تُظهر مبادرات التعاون التي تميّزت بمداها الطويل بين المؤسسات المرموقة، مثل كلية لندن الجامعية وجامعة حمد بن خليفة أو جامعة قطر وجامعة كامبريدج، عمق التبادل الأكاديمي بين البلدين.

تم افتتاح فرع كلية لندن الجامعية في الدوحة في مؤسسة قطر كمركز للتميز في مجال التراث الثقافي وإدارة المعارف في قطر.  وبدايةً من عام 2010 وحتى إغلاقها في عام 2020، قدمت كلية لندن الجامعية في قطر مجموعة من البرامج الأكاديمية، بما في ذلك ديبلومات ودرجات الماجستير والدكتوراه.

وفي إطار العام الثقافي قطر - المملكة المتحدة 2013، أنشأ كلّ من المجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة قطر، بالتعاون مع وزارة التعليم، برنامجًا تعليميًا لتطوير تدريس اللغة العربية وثقافتها في المدارس البريطانية.

مبادرات التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا

وفي مجالات العلوم والتكنولوجيا، قطعت قطر والمملكة المتحدة أشواطًا كبيرة في العمل معًا في أبحاث هامّة. فقد أنشأت المملكة المتحدة شبكة العلوم والابتكار في المملكة المتحدة في الدوحة عام 2013.

وقد أدى مشروع مشترك طموح بين المؤسسات القطرية وإمبريال كوليدج لندن إلى مشاريع بحثية مختلفة في مجالات تتراوح من الجراحة الروبوتية إلى أبحاث القلب والأوعية الدموية. وتشمل أبرز المبادرات الأخرى:

بنك قطر الحيوي، وهو منصة بحثية صحية تعمل على رسم وتحليل المؤشرات الصحية 

الرياضة في قطر والمملكة المتحدة

يجمع قطر والمملكة المتحدة شغفهما بالرياضة، حيث تضطلع الدولتان بأدوار مهمة على الساحة العالمية، ويتشاركان عشقًا خاصًا لكرة القدم، حيث كان ديفيد بيكهام، اللاعب الإنجليزي الشهير، سفيرًا ثقافيًا لقطر خلال بطولة كأس العالم FIFA لكرة القدم قطر 2022™.

كما حضر بيكهام افتتاح 3-2-1متحف قطر الأولمبي والرياضي، إلى جانب الوزراء وكبار المسؤولين.

ومن لعبة الكريكيت والبولو إلى الجولف، تشترك الثقافتان البريطانية والقطرية في تشجيع العديد من الرياضات. كما تلتزم الدولتان بتطوير البنية التحتية الرياضية، والترويج للأحداث الرياضية الدولية.

كما عززت الشراكة بين قطر وويليامز ريسينغ (الفورمولا1) في واحة قطر للعلوم والتكنولوجيا العلاقات بين البلدين في عالم الرياضة.

قطر – المملكة المتحدة 2013: النسخة الثانية من مبادرة الأعوام الثقافية 

كان العام الثقافي قطر - المملكة المتحدة 2013 مبادرة بارزة احتفت بالتاريخ الغني للبلدين والعلاقات الثقافية بينهما. وشهدت سلسلة الفعاليات التي استمرت على مدار العام ونظمتها متاحف قطر بالشراكة مع المملكة المتحدة مجموعة واسعة من المعارض والفعاليات والبرامج التعليمية التي سلطت الضوء على القيم الثقافية المشتركة.

وكان أحد أبرز أوجه التعاون معرض رُفات للفنان داميان هيرست. وقد أقيم المعرض في جاليري متاحف قطر - الرواق بالدوحة، وكان أكبر معرض استعادي لأعمال الفنان البريطاني في الشرق الأوسط.

وعقب نجاحه في المتحف البريطاني في لندن، افتُتح معرض "الحج: الفن في رحاب الرحلة" في متحف الفن الإسلامي بالدوحة. وكان المعرض حدثًا ثقافيًا هامّا ألقى الضوء على الأهمية التي يُمثلها الحج في الثقافة الإسلامية.

في المملكة المتحدة، شارك معرض اللؤلؤ في متحف فيكتوريا وألبرت في لندن روعة تاريخ الغوص بحثًا عن اللؤلؤ في قطر. وكان معرض "هي: النساء العربيات في الرياضة" في المتحف الوطني لكرة القدم في مانشستر حدثًا بارزًا آخر. وقد ضم المعرض صورًا لرياضيات عربيات التقطتها بريجيت لاكومب، حيث عُرضت إنجازاتهن في تحدٍّ للصور النمطية.

وضمن إرث العام الثقافي قطر - المملكة المتحدة 2013، انطلق مهرجان بريطاني لمدة شهر في السفارة البريطانية في الدوحة. وقد استمر هذا الحدث الثقافي والتجاري، الذي نظمه المجلس الثقافي البريطاني بالاشتراك مع السفارة البريطانية، على مدار السنوات الماضية. كما افتتحت المملكة المتحدة جناحًا في إكسبو الدوحة 2023، يُسلط الضوء على الاستدامة والابتكار.

في الختام

إن العلاقات بين دولة قطر والمملكة المتحدة مبنية على أسس متينة من التعاون السياسي والاقتصادي. وقد استفادت الدولتان من علاقاتهما الوثيقة في مختلف القطاعات، بما في ذلك التجارة والتعليم والفنون. وقد عملت مبادرات مثل العام الثقافي على إثراء هذه العلاقة، وتعزيز التفاهم والتقدير بين البلدين من خلال التبادل الثقافي.

 ومع استمرار الدولتين في العمل معًا بشأن قضايا ذات أهمية عالمية، من تغير المناخ إلى التنمية الاقتصادية، فإن مستقبل العلاقات القطرية البريطانية يبدو مشرقًا، مع استمرار فرص النمو والشراكة.

لمعرفة المزيد عن الفعاليات الثقافية المقبلة في قطر، يمكنكم الاطلاع على برنامج فعاليات الأعوام الثقافية.

المزيد من المقالات