لعبة الباتو - الرياضة الوطنية في الأرجنتين
2025/12/04
الأعوام الثقافية
false
2025/12/04

تتميز لعبة الباتو بقواعدها الخاصة ومعداتها المتخصصة ومهارات عالية في ركوب الخيل، مما يعكس تقليدًا عريقًا لا يزال يمارس بنشاط حتى يومنا هذا.
بدأت قصة لعبة الباتو (التي غالبًا ما يُشار إليها بكلمة باتو) في القرن السابع عشر. ويشير اسمها، الذي يعني حرفيًا "لعبة البط" بالإسبانية، إلى الشكل الأصلي لهذه الرياضة، حيث كان فرسان الغاوتشو الأرجنتينيون الأوائل يتنافسون على أخذ بطة حية من سلة ومحاولة تسجيل هدف برميها في مرمى الفريق الخصم. وكانت المباريات تمتد عبر الريف، وغالبًا ما تتحول إلى تنافس جسدي بين الفرسان الذين يتبارون في الاستحواذ على البط.

وبحلول أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أدت المخاوف بشأن رعاية الحيوانات إلى استبدال البطة الحية بكرة جلدية مزودة بمقابض. وقد ساهم هذا التغيير في تحويل الباتو إلى رياضة منظمة ولها تقديرها اليوم. وعلى الرغم من هذه التغييرات، حافظت هذه الرياضة على سرعتها واستراتيجيتها وتركيزها على العلاقة بين الفارس والحصان، وهي جوانب أساسية في الباتو.
وتعكس أصول لعبة الباتو كذلك الهوية الثقافية الأرجنتينية، حيث تجسد هذه الرياضة براعة رعاة البقر ومهاراتهم الرائعة في ركوب الخيل، وظلت لعبة راسخة الجذور في المجتمعات المحلية.
تضم مباراة الباتو فريقين، يتكون كل منهما من أربعة لاعبين، يمتطي كل واحد منهم صهوة الخيل في ملعب يبلغ طوله حوالي 275 مترًا وعرضه 180 مترًا، وهو أيضًا الحجم الرسمي لملعب البولو. ويمرر اللاعبون كرة جلدية بستة مقابض، ويهدفون إلى تسجيل أهداف برميها من خلال حلقة عمودية معلقة على ارتفاع مترين ونصف عن الأرض. وتجمع اللعبة بين عناصر البولو وكرة السلة والرجبي، ولكنها تتبع قواعد خاصة بلعبة الباتو.

تُركّز قواعد لعبة الباتو على المهارة والسرعة والسلامة. وتُقسّم المباريات إلى ستة أشواط، مدة كل منها ثماني دقائق. ويُسمح بالاحتكاك، ولكنه يُنظّم لتجنب الإصابات الخطيرة، وتُحتسب الأخطاء برميات حرة أو تغيير في موضع الكرة.
يجب أخذ "البطة" (الكرة) من الأرض ورميها باليد اليمنى، ولا يُسمح بمسكها باليد اليسرى إلا إذا كانت البطة "ثابتة" (غير متدحرجة) ولا يوجد لاعب آخر يحاول التقاطها.

ويجب على اللاعب الذي يملك الباتو أن يركب وذراعه اليمنى ممدودة بالكامل، مع عرض مقابض الكرة للاعبي الفريق المنافس. أما عدم مدّ الذراع فيُعدّ مخالفة تُسمّى بالاسبانية negada وتعني الامتناع. ويجب على اللاعبين السير جنبًا إلى جنب عند محاولة انتزاع الكرة من الخصم، وهي حركة تُعرف باسم cinchada (سينشادا)
وتُسجل النقاط برمي الكرة عبر حلقات المرمى. يفوز بالمباراة الفريق الذي يحرز أكبر عدد من الأهداف، بما في ذلك الأهداف المسجَّلة في الوقت الإضافي. ولا يمكن أن تنتهي المباراة بالتعادل، ويجب حسمها في الوقت الإضافي. ويعتمد نجاح اللعبة على التوقيت والاستراتيجية ومهارات عالية في ركوب الخيل.
يقع الاختيار على خيول الباتو لرشاقتها المذهلة وسرعتها وهدوئها تحت الضغط. ويستخدم الفرسان سروجًا متينة ومعدات حماية، وتُعدّ الكرة ذات المقابض الستة أساسية في اللعبة.

وتعكس المعدات الحديثة التقاليد والأمان في آنٍ واحد. يجب على اللاعبين ارتداء خوذة رياضية (خالية من الحواف الحادة على الجانبين)، وقميص بأكمام أو بنصف كم بألوان فريقهم، وسروال أبيض لركوب الخيل مع حذاء ذي رقبة. ولا يُسمح إلّا بالسياط التي لا يزيد طولها عن 75 سم، وبالمهاميز المستديرة الخالية من حواف مدببة أو نجوم.
تركّز الرياضة اليوم بشكل كبير على رفاهية الخيول، وهو تغيير مهم مقارنة بأشكالها القديمة والأكثر خطورةً.
على الرغم من ارتباط رياضة البولو دوليًا بالأرجنتين، إلا أن رياضة الباتو حظيت باعتراف رسمي باعتبارها رياضة وطنية للبلد عام 1953. وبخلاف رياضة البولو، التي لديها ارتباطًات أرستقراطية ودولية، فإن رياضة الباتو متجذرة بعمق في التاريخ الأرجنتيني والثقافة المحلية، وترمز إلى مهارة رعاة البقر (الغاوتشو) وشجاعتهم وفروسيتهم.

وكان الاعتراف برياضة الباتو بوصفها الرياضة الوطنية وسيلة للحفاظ على التراث الثقافي وتسليط الضوء على لعبة تصوّر السهول المفتوحة وتقاليد الفروسية في الأرجنتين.
تُنظّم رياضة الباتو العصرية اليوم في دوريات وبطولات، تستقطب فرسانًا هواة ومحترفين. وبينما كانت تُمارس تاريخيًا في سهول البامباس، فإنها الآن تتمركز بشكل رئيسي في مقاطعة بوينس آيرس والمناطق المركزية للأرجنتين.
تُدار مسابقة الأبيرتو الأرجنتيني للباتو (البطولة الأرجنتينية المفتوحة للباتو) تحت إشراف FAP (الاتحاد الأرجنتيني للباتو والحصان)، وهي أبرز مسابقة للباتو في البلاد، وتشترك فيها فرق من مختلف أنحاء البلد، وغالبًا ما تصاحبها فعاليات تحتفي بثقافة الفروسية، وتُختتم بمباراة نهائية في ديسمبر على ملعب كامبو أرجنتينو دي بولو في باليرمو. وقد ساهمت المعارض والدورات التدريبية الدولية في تعريف جماهير جديدة بهذه الرياضة.

ويركز اللاعبون المحترفون على التفنن في ركوب الخيل وعلى المهارات التكتيكية. وخلافًا للمباريات غير الرسمية التي كانت تُلعب على مر التاريخ، تتميز بطولات الباتو اليوم بتنظيم عالي الدقة، حيث يوجد محكّمون وقواعد محددة وملاعب ومعدات بمعايير موحدة. وتظل ديناميكيات الفارس والحصان والكرة جوهر اللعبة.
يتساءل الكثيرون "ما الفرق بين البولو والباتو؟" مع أن كلتا الرياضتين تتضمنان فرقًا من الفرسان تُسجّل الأهداف، إلا أنهما تختلفان اختلافًا جوهريًا:
المعدات: تستخدم رياضة البولو كرة صغيرة صلبة ومطارق ذات مقبض طويل؛ وتستخدم رياضة الباتو كرة جلدية ذات ستة مقابض تُمرر مباشرة من لاعب إلى لاعب، دون استخدام مطارق.
طريقة اللعب: تركز لعبة البولو على ضرب الكرة على الأرض؛ وتتضمن لعبة الباتو حمل الكرة ورميها عبر حلقات عمودية.
السياق الثقافي: لدى رياضة البولو جمعيات دولية نخبوية؛ أما الباتو فهي لعبة من أصل أرجنتيني ومرتبطة بتقاليد الغاوتشو والمجتمعات الريفية.
القواعد والاحتكاك: تسمح لعبة الباتو بقاعدة "سينشادا" لاقتناص الكرة، بينما يكون الاحتكاك في رياضة البولو محدودًا بشكل أكبر.
مدة المباراة: تتكون مباريات الباتو من ستة أشواط، مدة كل منها ثماني دقائق، مع استراحات قصيرة بين كل شوط. وتتميز المباريات بالسرعة وتتطلب مستويات عالية من القدرة على التحمل والتنسيق. أما مباريات البولو، فتختلف باختلاف نظام البطولة، ويمكن تقسيمها بين أربعة إلى ثمانية أشواط، مدة كل منها سبع دقائق، مما يجعلها أطول إجمالًا ولكن بكثافة أقل.

تتبوأ رياضة البولو مكانة راسخة في قطر، حيث يحتضن البلد أندية للبولو ويستضيف بطولات دولية على مدار العام. ورغم أن الباتو لا تُمارس على نطاق واسع خارج الأرجنتين، إلا أن أوجه التشابه بينها وبين البولو تُنشئ رابطًا ثقافيًا قويًا، إذ يعكس اهتمام قطر بالفروسية وسباق الخيل شغف الأرجنتين بثقافة الخيول.
وسوف تُسلّط فعالياتٌ، مثل بطولة بولو المرسى المقبلة، الضوء على هذه التقاليد المشتركة في رياضة الفروسية. وفي إطار العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025، سيستضيف نادي قطر للبولو فعاليةً ثقافيةً ورياضيةً تمتد ليومين في الدوحة، بمشاركة فرق بولو دولية من الدول الثلاث.
من أصولها في ثقافة الغاوتشو إلى بطولاتها المنظمة اليوم، تعكس لعبة "الباتو" الهوية الثقافية للأرجنتين وتراثها العريق في رياضة الفروسية. ويتيح فهم تاريخها وقواعدها واختلافها عن البولو لنا فهم رياضة وطنية لا تزال جوهرية في التراث الأرجنتيني.
ورغم أن رياضة الباتو تُمارس بشكل حصري تقريبًا في الأرجنتين، فإن قيمها المتمثلة في المهارة والتفاني والشراكة الوثيقة مع الخيول يتردد صداها بقوة في الثقافات المتعلقة بمجال الفروسية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك قطر.
لاستكشاف هذه التقاليد المشتركة واكتشاف المزيد من الروابط الثقافية، يُرجى الاطلاع على الفعاليات المقبلة ضمن مبادرة الأعوام الثقافية داخل قطر وخارجها.