الأعوام الثقافية

false

false

فرانسيسكو كاتريل خيمينيز يتحدث عن انتقاله إلى الدوحة، وثقافته التشيلية، وتدريبه في متاحف قطر

2025/08/26

xفي إطار فعاليات العام الثقافي قطر - الأرجنتين وتشيلي 2025، جلسنا مع فرانسيسكو كاتريل خيمينيز، وهو شاب تشيلي يعيش في الدوحة لديه شغف عميق بجمع التحف واهتمام كبير بالتاريخ وإدارة المتاحف.

وُلِد فرانسيسكو ونشأ في سانتياغو، وقضى سنواته الأولى في تشيلي، ثم عاش لمدة عام في كندا، قبل أن ينتقل مع عائلته إلى قطر. وحول ذلك، يقول: "كانت رحلتي ممتعة ومثيرة للاهتمام. فقد سافرتُ إلى العديد من البلدان في عطلات، ودرستُ مجالاتٍ مختلفة، حتى أنني درست الجيولوجيا لبضعة أشهر في واحدة من أرقى الجامعات في تشيلي، وهي جامعة تشيلي. وخلال هذه المسيرة، التقيتُ بأشخاصٍ مثيرين للاهتمام حقًا".

وعندما كان لا يزال مراهقًا، وجد فرانسيسكو نفسه يتأقلم مع ثقافة جديدة تمامًا، ومناخ مختلف وإيقاع حياة مغاير. ويتذكر ذلك قائلًا: "وصلنا إلى قطر في ذروة فصل الصيف، فشعرنا بالرطوبة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة مباشرةً بعد رحلتنا التي استغرقت 24 ساعة".

Interview with Francisco Catril Jimenez - AR 4.JPG

ويبلغ فرانسيسكو الآن 21 عامًا، وقد أمضى ما يقرب من أربع سنوات في قطر، وهي تجربة يصفها بأنها غيرت حياته، حيث يقول: "كانت زيارة قطر تجربة جديدة تمامًا بالنسبة لي، إذ لم يسبق لي زيارة الشرق الأوسط. وكل ما كنت أعرفه عن هذه المنطقة استقيته حقًا من الأفلام والمسلسلات والألعاب وما سمعته من الآخرين. لكن بصراحة، الجزء الوحيد الدقيق كان المناظر الطبيعية والهندسة المعمارية، أما كل شيء عدا ذلك فكان جديدًا عليّ". ويضيف: "لقد كان من المثير للاهتمام للغاية ملاحظة العادات والثقافات المتنوعة لمختلف الجنسيات التي تعيش في قطر".

ويتحدث فرانسيسكو بتأمل وامتنان عن الحياة التي بنتها عائلته في الدوحة، حيث يقول: "على الرغم من أن هذه الفترة كانت صعبة بالنسبة لي ولعائلتي، إلا أننا جميعًا نتفق على أننا ممتنون للفرص والإحساس بالأمان، والكثير من المزايا الأخرى التي قدّمتها لنا قطر."

Interview with Francisco Catril - AR 1 .JPG

داخل المتحف 

يأخذ فرانسيسكو حاليًا سنة استراحة، اختار أن يقضيها متدربًا في متاحف قطر، وهو قرارٌ استلهمه من شغفه الدائم بالتاريخ، حيث قال: "لطالما كان لديّ اهتمام بالمتاحف بفضل أجدادي وأفراد آخرين في عائلتي، بالإضافة إلى فضولي الشخصي. لذا، كان هذا التدريب فرصة مثالية بالنسبة لي".

وفي متاحف قطر، انخرط فرانسيسكو بشكلٍ كاملٍ في مجموعة متنوعة من المشاريع، بما في ذلك الجولات والبرامج المرتبطة بمعرض "لاتينو أمريكانو"، الذي استكشف الفن في أمريكا اللاتينية وهويتها بالتعاون مع متحف الفن اللاتيني الأمريكي في بوينس آيرس (مالبا). وحول ذلك، يقول: "كنت أقدِّم جولاتٍ باللغة الإسبانية أو الإنجليزية كل سبت وإثنين. كما كنت أعد نصوصًا عن الجولة تضم جميع المعلومات المهمة التي أراد المتحف إيصالها، عبر الاستعانة بمرجع من متحف مالبا، ثم ترجمت هذه النصوص إلى الإنجليزية. ثم تُرجمت لاحقًا إلى العربية أيضًا."

Francisco Catril Jimenez QM Internship - AR.jpg

وسرعان ما بدأ فرانسيسكو في تقديم جولات يومية، حيث قال: "بطريقة ما... أتقنتُ الأمور. وقد تعلمتُ ذلك من خلال مراقبة أمين المتحف، ومشاهدة مواد إعلامية مع المرشدين السياحيين، والاستفادة من تجاربي الشخصية في تنظيم جولات غير رسمية في منزلنا، حيث نمتلك متحفًا صغيرًا لأنني أجمع الكثير من الأشياء". وقد أشاد أمين المتحف القطري بعمل فرانسيسكو. وحول ذلك، يقول: "قرأ نص الجولة الإرشادية الذي كتبته واستخدم أجزاءً من بحثي في جولاته التي يقودها بنفسه".

قوة التمثيل

ولكن، ما هي القطعة المفضلة لدى فرانسيسكو من المعرض؟ لوحة بعنوان "مادرونوس" أو "الطرحة الحمراء" للفنان كارلوس فيديريكو. وحول هذه اللوحة، يقول فرانسيسكو: "إنها واحدة من الأعمال القليلة المتبقية له، إذ توفي فيديريكو عن عمر يناهز 22 عامًا. وتُصوّر اللوحة شقيقته ماريا لويزا. وما جذبني إليها هو المأساة الكامنة وراءها والمشاعر التي تنبعث من العمل الفني نفسه. فقد كانت لوحةً مفعمةً بالعاطفة، يُمكنك أن تدرك ذلك بمجرد النظر إليها."

Francisco Catril Jimenes QM Internship 2 - AR.jpg

لكن عمل سيسيليا فيكونيا الفني المعروف باسم "كيبو" كان له وقعٌ خاصٌّ على فرانسيسكو، كونه أحد أفراد شعب المابوتشي، أكبر جماعةٍ أصليةٍ في تشيلي. وحول ذلك، يقول فرانسيسكو: "أنا ووالدي وأخي ننتمي إلى قبيلة المابوتشي. ولقبنا هو كاتريل، المشتق من كاتريليو. وكلاهما أشكالٌ إسبانيةٌ لأسماء كاتريلانكا وكاتريليوفو." ويضيف: "هذا العمل شيءٌ لا أعتقد أن أحدًا كان يتوقعه - أن يصل الفن التشيلي، ناهيك عن الأعمال الفنية المستوحاة من الثقافة الأصلية، إلى الشرق الأوسط. والأهم من ذلك كله أنني شعرتُ بالسعادة لتمثيل تشيلي ولعرض جذورنا الأصلية للعالم."

الاحتفاء بالأدب اللاتيني الأمريكي في الدوحة

وقد قام فرانسيسكو أيضًا بدورٍ محوري في تنظيم سلسلة الصالونات الأدبية "كلمات وفرشاة" المكونة من أربعة لقاءات في متحف قطر الوطني، والتي سلطت الضوء على كتّاب من أمريكا اللاتينية. وشارك في البحث عن الكُتّاب، وتخطيط الجلسات، والمساعدة في إنجاح الفعالية.

ويصف كيف تحولت الليلة الختامية من هذه السلسلة، التي ركزت على خورخي لويس بورخيس، إلى تجمع غير متوقع لضيوف مرموقين، بحضور العديد من السفراء وزوجاتهم من جميع أنحاء العالم، حتى أن فرانسيسكو رافق بعضهم في جولات شخصية. ويستحضر هذه الذكريات قائلاً: "لقد كانت تجربة فريدة من نوعها بكل تأكيد".

جامع مقتنيات بالفطرة 

لا يقتصر اهتمام فرانسيسكو بالمتاحف على الجانب الأكاديمي فحسب، بل يتعداه إلى الجانب الشخصي. ففي منزله، يُشرف على مجموعته الخاصة المتنامية من الكائنات البحرية، والحفريات، والعملات المعدنية، والتماثيل القديمة، وغيرها من المقتنيات الخاصة. وحول ذلك، يقول: "نشأ هذا الشغف بفضل أفراد عائلتي، وألعابي، ورغبتي الشخصية في حفظ المقتنيات وجمعها".

Interview with Francisco Catril Jimenez - AR 3.JPG

ويُنسب فرانسيسكو الفضل إلى جدّيه في إثارة فضوله، حيث قال: "لقد كانا يسافران كثيرًا ويجلبان إلى المنزل تذكارات. وكانت شقتهما مليئة بالأعمال الفنية والمنحوتات الصغيرة والتحف. وقد ساهمت نشأتي وسط كل ذلك، والتعرف على القصص المتعلقة بها، وتعلم علم الأحياء من جدي، في بناء اللبنات الأساسية لاهتمامي بهذه المجالات." كما ساهم أعمامه في تعزيز اهتمامه بتلك المجالات عبر مشاركة اهتماماتهم معه.


ومع مرور الوقت، أصبح جمع المقتنيات شكلاً من أشكال سرد القصص وحفظ المقتنيات. وحول ذلك، يقول فرانسيسكو: "لو كنت غنيًا، لجمعت المزيد من المقتنيات وحفظتها. لكنني راضٍ عن مجموعاتي. إنها تُسعدني، ولن أبيع أيًا منها أو أتخلص منها".

الحفاظ على الروابط مع الثقافة التشيلية

وبسبب العيش على بعد آلاف الكيلومترات عن الوطن، لم يكن البقاء على اتصال مع تشيلي أمرًا سهلاً دائمًا، خاصة بعد الانتقال إلى قطر خلال جائحة عالمية. ويتذكر فرانسيسكو هذه التجربة فيقول: "عندما انتقلنا إلى هنا، كان ذلك في ذروة انتشار جائحة كوفيد-19. وقد صعب فارق التوقيت، والمسافة، وضعف وسائل الاتصال من إمكانية البقاء على تواصل مع الأصدقاء"

Interview with Francisco Catril Jimenez - AR 1.JPG

ورغم بُعد المسافة، لا يزال ارتباط فرانسيسكو بالثقافة التشيلية قويًا، حيث يقول:  "هناك حوالي 200 مواطن تشيلي يعيشون في قطر، لكننا متفرقون بعض الشيء. مع ذلك، فقد أقمنا علاقات مثيرة للاهتمام، حتى أننا نظمنا جولات سياحية للتشيليين المارين من هنا."

ومن بين ذكرياته المفضلة من نشأته في سانتياغو الاحتفال بيوم استقلال تشيلي، الذي يُصادف الثامن عشر من سبتمبر من كل عام. ويشرح فرانسيسكو ذلك بقوله: "كان كل صف دراسي يُكلف بأداء رقصة تقليدية من منطقة أو ثقافة معينة في تشيلي، بدايةً من رقصات قرى الصيد الجنوبية أو رقصات رابا نوي من جزيرة إيستر. وكنا نقضي أسبوعًا تقريبًا في التحضير لأداء هذه الرقصات، ثم نؤديها أمام جميع أولياء الأمور. كما كان بعض الطلاب يعزفون على الآلات الموسيقية خلال العروض". ويضيف: "أتذكر أنني ارتديت زي الهواسو ورقصت رقصة الكويكا أمام الجميع. وكان الأمر مُرهقًا للأعصاب، لكن عندما أستحضر هذه الذكريات، أشعر بأنها واحدة من أعز ذكرياتي في المدرسة الثانوية". 

Screenshot 2025-08-12 at 00.05.11.png

وحتى مع عيشه في الدوحة الآن، يجد فرانسيسكو نفسه أحيانًا يتذكر تلك الرقصات، حيث يقول: "ما زلت أحاول تذكر الرقصة التقليدية الرئيسية، الكويكا، وممارستها، مع أنني لم أعد أجيدها كما كنت أفعل في الماضي."

التطلع إلى الأمام

بدأت الخطوات التالية لفرانسيسكو تتشكل بالفعل، حيث يأمل في الخضوع لتدريب آخر في متاحف قطر قبل التوجه إلى ألمانيا للعمل ومواصلة الدراسة. وحول ذلك، يقول: "المسارات الرئيسية التي يمكن أن أسلكها هي علم المتاحف أو مجال مرتبط بعلم الأحياء مثل علم الحيوان. لقد ساعدني هذا التدريب الذي تلقيته [في متاحف قطر] بكل تأكيد على صقل مهاراتي وفهم ما يمكنني القيام به بشكل أفضل، ومعرفة الجوانب التي يمكنني تحسينها".

Interview with Francisco Catril Jimenez - AR 2.JPG

ومع احتفال العام الثقافي 2025 بالروابط بين قطر وتشيلي والأرجنتين، تعكس قصة فرانسيسكو روح هذه التبادلات. وتُبرز رحلته كيف يتشابك التراث والتجارب الجديدة لتشكل ليس فقط هوية الشاب نفسه، بل أيضًا لتوسيع آفاق فهمنا للعلاقات بين الأماكن البعيدة.

تعرَّف على المزيد من المعلومات حول الفعاليات المقبلة المقرر إقامتها داخل الدوحة وخارجها في إطار العام الثقافي 2025.

المزيد من المقالات