الأعوام الثقافية

false

false

العلاقات القطرية الأمريكية – الروابط الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية

2025/01/16

إنّ العلاقة التي تجمع بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية متعددة الجوانب، وهي مبنية على أسس سياسية واقتصادية وثقافية متينة. سيتطرق هذا المقال إلى الجوانب الرئيسة في العلاقات القطرية الأمريكية، بما فيها الأواصر الدبلوماسية، والشراكات التجارية والاقتصادية، وبرامج التبادل الثقافي الجاري بين البلدين.
العلاقات القطرية الأمريكية
Scroll down

العلاقات السياسية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية

نشأت العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية رسميًّا عام 1972 بعد عام من إعلان استقلال قطر. وعلى مدى العقود التي تلت هذا الحدث، ازدهرت العلاقة بين البلدين، إذ تعاونَا تعاونًا وثيقًا في العديد من القضايا والمبادرات العالمية والإقليمية. 

إنّ وجود تمثيل دبلوماسي وقنصلي قائم منذ أمد بعيد لكل واحدٍ منهما في بلد الآخر لخير دليل على قوة هذه الروابط. فقطر لديها سفارة بمدينة واشنطن، ممثلة بسعادة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني، سفير قطر لدى الولايات المتحدة الأمريكية. كما لدى دولة قطر قنصليات عامة في كل من هيوستن بولاية تكساس ومدينة نيويورك.

أما السفارة الأمريكية في قطر،فهي تقع في منطقة اللقطة بمدينة الدوحة، والسيد تيمي ديفيس هو سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى قطر. فهذه البعثات الدبلوماسية تسهل عمليات التبادل السياسي والثقافي والاقتصادي، كما توفر خدمة التأشيرات والمساعدة القنصلية، مثل الحصول على تأشيرات الدخول إلى أمريكا من قطر

إنّ الزيارات الرفيعة المستوى الأخيرة، كتلك التي أجراها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى الولايات المتحدة، في أعقاب زيارات لوزراء قطريين رئيسين ومسؤولين أمريكيين، تؤكد أكثر فأكثر على قوة العلاقات الثنائية بين قطر وأمريكا.

في عام 2022، عدّ الرئيس جو بايدن دولة قطر كحليف رئيس من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، اعترافًا منه بأهمية العلاقة بين البلدين. ويُمكِّن هذا التحالف بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية من إجراء عمليات مشتركة يتقاسم فيها البلدان نفس الأهداف في مجالات مثل الأمن العالمي والاستقرار الإقليمي. 

العلاقات الاقتصادية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية

تستند العلاقات الاقتصادية بين قطر والولايات المتحدة إلى اتفاقيات تجارية متعمقة وتبادل استثماري متنوع في مجالات واسعة؛ فالولايات المتحدة هي خامس أكبر شريك تجاري لقطر، وتسهم إسهامًا كبيرًا في قطاعات مثل الطيران والطاقة والبنية التحتية. ففي عام 2023 وحده، بلغت قيمة التبادل التجاري بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية 6.7 مليار دولار أمريكي.

لدى دولة قطر استثمارات كبيرة في الولايات المتحدة، تشمل حصة في عقود امتياز لأندية رياضية بارزة مثل فريق كرة السلة واشنطن ويزاردزوفريق هوكي الجليد واشنطن كابتالز. وقد أعلن جهاز قطر للاستثمار عن خطط لاستثمار 45 مليار دولار أمريكي في الولايات المتحدة، مع تركيز خاص على البنية التحتية والعقارات والتكنولوجيا.

يتألف أسطول الخطوط الجوية القطرية في المقام الأول من طائرات بوينغ، ما أسهم في توليد أكثر من 500.000 منصب عمل أمريكي، بشكل مباشر أو غير مباشر.

تعد الشركات الأمريكية مثل إكسون موبيل وكونوكو فيليبس من الجهات الفاعلة الرئيسة في قطاع الغاز الطبيعي المسال في قطر، حيث  تنقل خبرتها إلى واحدة من أكبر أسواق الغاز الطبيعي المسال في العالم وتستثمر فيها. فهذه الشراكة تعكس المنافع المتبادلة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، لا سيّما في مجال الطاقة الذي تأتي قطر في طليعته كأكبر مُصدِّر عالمي.

يضطلع مجلس الأعمال الأمريكي القطري بدور رئيس في توطيد العلاقات التجارية، فهذه المؤسسة غير الربحية توفر منصة لتطوير العلاقات التجارية الثنائية بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية.

العلاقات الثقافية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية

أصبحت العلاقات الثقافية بين قطر والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، وترتكز في المقام الأول على برامج التبادل الرائعة في مجال التعليم والمبادرات الثقافية الفريدة، مثل العام الثقافي قطر - أمريكا 2021.

المبادرات التعليمية

تُعد المدينة التعليمية في قطر مشروعًا رائدًا لمؤسسة قطر وتضم فروعًا لِسِتّ جامعات أمريكية مرموقة في الدوحة:

  • جامعة فرجينيا كومنولث
  • جامعة جورجتاون
  • جامعة نورث ويسترن
  • جامعة تكساس أي أند أم
  • كلية الطب ويل كورنل
  • جامعة كارنيجي ميلون

مكَّن هذا التعاون الاستثنائي آلاف الطلاب الدوليين والقطريين من الحصول على تعليم من المستوى العالمي، وتقوية الروابط بين البلدين في المجالين الأكاديمي والبحثي.

التعاون القطري الأمريكي في مجال الفنون

نهضت منظمات غير ربحية، في مجال الفنون، مثل معهد قطر أميركا للثقافة بالتبادل الثقافي بين البلدين، وتعزيز التفاهم من خلال المعارض والبرامج الإبداعية. صحيحٌ أن معهد قطر أميركا للثقافة أتم مهمته منذ عهد قريب، إلا أنه خلَّف إرثًا كبيرًا من التعاون بين المؤسسات الثقافية في البلدين.

تستضيف قطر أيضًا فعاليات ثقافية أمريكية كبرى، مثل برنامج "الموسيقى الأمريكية في الخارج"، وهو برنامج رائد للتبادل في مجال الموسيقى يأتي بموسيقيين أمريكيين إلى قطر لتقديم العروض والتعاون مع الفنانين المحليين. كما عرَّفت فعاليات "ربيع الجاز"، التي تنظمها السفارة الأمريكية في الدوحة الجمهور القطري، بتقاليد موسيقى الجاز الأمريكية العريقة.

بطولة كأس العالم لكرة القدم

ومن ناحية أخرى، شهد تنظيم دولة قطر لكأس العالم FIFA قطر 2022 على كرم ضيافتها والتزامها بالرياضة على الصعيد الدولي. ومع احتضان أمريكا الشمالية لكأس العالم 2026، من المقرر أن تسَلِّم قطر الشعلة للولايات المتحدة وتشاركها خبراتها، وتواصل تبادل المعارف الثقافية في عالم الرياضة معها.

العام الثقافي قطر  - أمريكا 2021: النسخة 10 من مبادرة الأعوام الثقافية

كان العام الثقافي قطر - أمريكا 2021 أبرز جوانب علاقة الصداقة التي تجمع قطر بالولايات المتحدة. وقد شهد خلاله البَلدان تنظيم برنامج من الفعاليات على مدى عام، منها معارض فنية، وعروضًا موسيقية، وأنشطة التبادل الإبداعي، صُممت كلها لتعزيز التفاهم والاحترام بين البلدين. 

النسخة العاشرة من مبادرة الأعوام الثقافية في قطر

كان معرض "جيف كونز: تائهٌ في أمريكا"، الذي نُظم في جاليري الرواق بالدوحة، أحد أبرز الفعاليات الثقافية في قطر. ضمَّ أكثر من ستين عملًا فنيًا، وسلّط الضوء على المسيرة الفنية الفريدة لأحد أشهر الفنانين المعاصرين في أمريكا.

وجاء معرض "فيرجيل أبلوه: إبداعٌ بلا حدود" الذي نُظم في مطافئ: مقر الفنانين، لينضم إلى سلسلة الأحداث البارزة. وقد مثّل، في أول ظهور للمصمم والفنان الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، تكريمًا لأعماله بعد وفاته.

كان "حكايات بقر البحر: رحلات في مروج الأعماق"، الذي استضافه متحف قطر الوطني، أيضًا حدثًا حظي باستحسان شعبي كبير خلال العام الثقافي قطر - أمريكا 2021، فقد كان معرضًا خاصًا عن أبقار البحر، تلك المخلوقات الغامضة التي عاشت في المياه القطرية لقرون عدة.

فعاليات العام الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكية

في الولايات المتحدة، جاءت مبادرة "جداري آرت"، التي أطلقتها إدارة الفن العام، بفنانين قطريين إلى مدن مختلفة في الولايات المتحدة شملت، سان فرانسيسكو، وهيوستن، وبورتلاند، وواشنطن دي سي، وجيرسي سيتي، وميامي، حيث أضفوا على الفضاءات العامة بفنهم ألوانًا نابضة بالحياة تعكس التراث والإبداع القطرييْن.

كان "درر العجائب: حقبة رقمية" معرضًا تفاعليًا نُظم في نيويورك، وضمَّ أعمال فنانين قطريين مستوحاة من تاريخ اللؤلؤ في قطر.

في لوس أنجلوس، سلط العرض السينمائي "محل حلوى يخدم السيارات" الضوء على شغف البلدين المشترك بالسينما، في طرحٍ جديد للعروض السينمائية الأمريكية للمُشاهد وهو في سيارته، حيث استمتع الحضور بعرض مستوحى من الثقافة البدوية وتعرفوا خلاله على التراث القطري.

في إطار برنامج تبادل للتصوير الفوتوغرافي، انطلق المصوران الفوتوغرافيان أندرو ستودر وخليفة المسند في رحلة رائعة بمنطقة شمال غربي المحيط الهادئ لتصوير المناظر الطبيعية الخلابة هناك وتوثيق تجاربهم. وعُرضت هذه الصور الفوتوغرافية في معهد قطر أمريكا للثقافة بواشنطن دي سي.

أثْرَت هذه الفعاليات الساحة الثقافية إثراءً كبيرًا في كلا البلدين، وأبرزت التأثير القوي الذي تخلِّفه الدبلوماسية الفنية والثقافية.

الذكرى الخمسون لانطلاق العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية

احتفاءً بالذكرى السنوية الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين قطر والولايات المتحدة، نظم مجلس الأعمال الأمريكي القطري ومتاحف قطر والسفارة الأمريكية في قطر ملتقى خاصًا للتواصل استضافه 3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي.

منذ ذلك الحين، نُظم العديد من الفعاليات والمعارض الهامة كثمرة إرث العام الثقافي قطر - أمريكا  2021 الدائم، منها معرض واعد لأعمال دان فلافن | دونالد جَد استضافته جاليري الرواق، متاحف قطر، بالتعاون مع متحف مقاطعة لوس أنجلوس 

كان "أناقةٌ إمبراطورية: منسوجات من إيران الصفوية" معرضًا بارزًا احتضنه متحف الفن الإسلامي في الدوحة عام 2023، نُظم في الأصل بالتعاون مع متحف سميثسونيان الوطني للفن الآسيوي وقُدِّم خلال العام الثقافي قطر - أمريكا 2021.

ويستضيف مركز M7 كذلك معرض "إلسورث كيلي: قرن من الإبداع" الذي ينظمه متحف غلينستون في ماريلاند.

خاتمة

وختامًا، تمثل العلاقات القطرية الأمريكية نموذجًا للشراكات الدولية، لما تتسم به من تحالفات دبلوماسية واتفاقيات تجارية قوية وبرامج نشطة للتبادل الثقافي. وقد كان العام الثقافي قطر  - أمريكا 2021 خير دليل على عمق العلاقة بين البلدين، واحتفاء بعقود من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك. فلا شكَّ أن تعاون  قطر والولايات المتحدة سيزداد قوة يومًا بعد يوم وهما يتطلعان نحو المستقبل.

تعرفوا أكثر على الفعاليات القادمة ضمن العام الثقافي الحالي