قطر وروسيا - علاقة حيوية في مجالات الدبلوماسية والتجارة والثقافة
2025/06/17
الأعوام الثقافية
false
2025/06/17
تأسّست العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين قطر وروسيا عام 1988، حيث وُضعت وقتها أولى لبنات التعاون في قطاعات متعددة. ويحتفظ البلدان ببعثات دبلوماسية نشطة، حيث تُيسّر سفارة دولة قطر في موسكو، يتقدمها سعادة الشيخ أحمد بن ناصر آل ثاني، سبل المشاركة السياسية والثقافية. كما تُقدّم سفارة روسيا الاتحادية لدى دولة قطر، برئاسة سعادة السفير دميتري نيكولايفيتش دوغادكين، الخدمات الدبلوماسية والقنصلية الأساسية.
على مدار العقد الماضي، شهدت الفترة العديد من الزيارات الدبلوماسية البارزة. في يناير 2016، التقى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بالرئيس فلاديمير بوتين في موسكو لمناقشة الشؤون الإقليمية والتعاون في مجال الطاقة.
وقد عاود سمو الأمير الزيارة إلى موسكو في مارس 2018، ما رسّخ العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية قبل انطلاق بطولة كأس العالم FIFA قطر. علاوة على ذلك، زار السيد سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، الدوحة في يونيو 2021، للقاء ممثلي مجلس التعاون لدول الخليج العربي، مؤكدًا على استمرار التعاون الدبلوماسي.
ومؤخرًا في مارس 2025، أجرى سمو الأمير اتصالاً هاتفيًا مع الرئيس بوتين، يتناول فيه العلاقات الثنائية والقضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك. وفي أبريل 2025، زار سمو الأمير موسكو ووقّع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين.
لقد أضحى التعاون الاقتصادي حجر الأساس في التحالف القطري الروسي، وقد عمل البلدان معًا في مجالات مثل الطاقة والبنية التحتية والتمويل.
تأسس مجلس الأعمال القطري-الروسي عام 2007، وهو يوفر منصةً لرواد الأعمال والمستثمرين يستكشفون من خلالها الفرص المشتركة. وبالمثل، يُظهر المكتب القطري الروسي للاستشارات الاستثمارية والتجارية التزامًا متبادلًا في توسيعه للشراكات الاقتصادية.
وجدير بالذكر أنه في عام 2021، شاركت دولة قطر كضيف شرف في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، حيث جرى توقيع ست مذكرات تفاهم وخطاب نوايا واحد، وذلك لتقوية التعاون الاستثماري والاقتصادي بين قطر وروسيا. بالإضافة إلى ذلك، شاركت وزارة التجارة والصناعة القطرية، في مايو 2025، في المنتدى الاقتصادي الدولي السادس عشر.
إلى جانب الاتفاقيات الرسمية في مجال التجارة، واصلت الدولتان مشاريع كبرى. ومن أبرز الاستثمارات الاقتصادية رفيعة المستوى بين قطر وروسيا في السنوات الأخيرة هو حصول جهاز قطر للاستثمار على حصة أسهم في شركة روسنفت بقيمة 11 مليار دولار أمريكي عام 2016، بالشراكة مع شركة غلينكور.
وفي أبريل 2025، اتفق البلدان على المساهمة بمبلغ إضافي قدره مليار يورو (1.14 مليار دولار أمريكي) في صندوقهما الاستثماري المشترك، مما وسّع نطاق الدعم لمشاريع مستقبلية.
يُشكّل التبادل الثقافي ركيزةً أساسيةً في العلاقات الروسية القطرية. وعلى مر السنين، واصل البلدان إبراز تقاليدهما وفنونهما وابتكاراتهما بنشاط من خلال مبادرات وفعاليات حيوية.
في عام 2022، شاركت روسيا في مهرجان أيام الجاليات، وهو احتفاء بالثقافة نُظّم بغرض افتتاح ساحة الأعلام، وهو فضاء عام وجديد في الدوحة. وقد انعقد هذا الحدث، الذي استمر على مدار عشرة أيام، خلال الاحتفالات بالذكرى العاشرة لانطلاق فعاليات العام الثقافي، والتي شهدت مشاركة أكثر من 90 سفارة.
للتعليم واللغة دور محوري في تعزيز الصداقة بين البلدين؛ فمدرسة لندن الدولية في قطر تقدم برنامجًا باللغة الروسية ضمن منهجها متعدد اللغات، مما يعين الطلاب الناطقين بالروسية في الحفاظ على مهاراتهم اللغوية. كما تقدم العديد من الجامعات القطرية دورات في اللغة الروسية للبالغين، من ضمنها معهد دراسات الترجمة بجامعة حمد بن خليفة.
يُعنى مركز قطر للغة العربية في موسكو، الذي افتُتح عام 2021، بالترويج للغة والثقافة العربية. وفي مطلع عام 2025، استقطبت الدورة الرابعة منجائزة الدوحة للغة العربية في موسكو أكثر من 150 طالبًا من الجامعات الروسية، وحصل سبعة منهم على منح لدراسة اللغة العربية في جامعة قطر، وهذا ما يقوّي الروابط اللغوية والثقافية.
نشأت علاقات عمل متينة بين اللجنتين المنظمتين لكل من بطولة كأس العالمFIFA 2018 في روسيا وبطولة كأس العالم 2022 في قطر. وشمل هذا التعاون تبادل الخبرات في البنية التحتية للملاعب، والأمن، والخدمات اللوجستية للحدث الرياضي، وهذا ما أسهم في نجاح البطولتين.
استفادت قطر من تجربة روسيا في استضافة كأس العالم، حين كانت تستعدّ لاستضافة أول كأس عالم في الشرق الأوسط. وقد عززت هذه الشراكة التبادل المعرفي، ووطّدت العلاقات الثنائية على الصعيد الدولي.
شهدت قطر وروسيا عددًا من التبادلات البارزة في مجال الموسيقى والحفلات، كاشفتان عن مزيج غني من التقاليد الثقافية. في عام 2017، قدمت أوركسترا قطر الفلهارمونية عرضًا في صالة تشايكوفسكي للحفلات بموسكو، ضمّ مقطوعات موسيقية من أعمال فنية عربية وروسية، تعكس تقدير كلا البلدين للتراث الموسيقي. وفي عام 2024، استضافت أوركسترا قطر الفيلهارمونية أيضًا حفلًا موسيقيًا نفذت فيه التذاكر في دار الأوبرا بكتارا، بعنوان "عظماء روسيا: رخمانينوف وتشايكوفسكي".
شكّل العام الثقافي قطر - روسيا 2018 محطّة فارقة في العلاقات الثنائية، حيث جاء ببرنامج حافل بالفعاليات، مما زاد من تعميق الروابط الثقافية. وشهد الافتتاح الكبير في دار الأوبرا بكتارا عرضًا مذهلًا لفرقة إيغور مويسييف الحائزة على جوائز، في إعلان لها عن انطلاقِ عام حافل بالمعارض والعروض والمشاريع التعاونية.
انعقدت مباراة كرة قدم ودية بين فنانين وشخصيات عامة قطرية وروسية في الساحة الحمراء بموسكو، وكانت من أبرز أحداث العام الثقافي. وبرز هناك اتحاد في القوة الرياضية أثناء مشاركة قطر في ماراثونRunning Hearts الأخضر.
كما سلط منتدى سانت بطرسبورغ الثقافي الدولي في نسخته السابعة الضوء على الرؤية الإبداعية لدولة قطر من خلال الحوارات العامة والعروض الفنية والمعارض. بالإضافة إلى أنشطة تفاعلية، مثل مشروع المطعم السريع المتنقل، شهدها مهرجان للموسيقى الروسية، والتي كان لها إسهام في تعريف الجمهور المحلي بثقافة المطبخ القطري.
قدّم المعرض المرموق، إعادة صياغة العمارة والتخطيط، رؤىً حول الابتكار المعماري الذي يقود المشهد الحضري في قطر. وتمحورت المناقشات حول التطلعات المشتركة نحو الحداثة والاستدامة، والتي كان لها صدًى واسع لدى جمهور الثقافة والأكاديميين على حد سواء.
احتضن متحف الدولة للتاريخ الروسي في موسكو معرضًا بارزًا بعنوان "اللؤلؤ: كنوزٌ من البحار والأنهار"، كشف فيه عن تاريخ قطر الحافل في صيد اللؤلؤ. كما احتفى معرض "فن المجوهرات والأزياء القطرية" بأناقة المصممين القطريين وبراعتهم الحرفية، مُعرّفًا الجمهور الروسي على جمال الحرف اليدوية القطرية الدقيقة والمتقنة.
سلّط البرنامج القطري في مهرجان قازان الدولي للسينما الإسلامية الضوء على صانعي الأفلام القطريين. وفي الوقت نفسه، أسهمت فعالية "المؤلفون والناشرون القطريون" التي أُقيمت في روسيا، في تعزيز التبادل الأدبي، الشيء الذي مدّ الجسور بين المجتمعات الإبداعية.
في الختام
تجسّد العلاقات القطرية الروسية شراكةً مزدهرةً قائمةً على الاحترام المتبادل، والدبلوماسية الفاعلة، والتقدير الثقافي المشترك. والبَلَدان يواصلان بناء روابط هادفة، من العلاقات الدبلوماسية طويلة الأمد، إلى المشاريع التجارية المشتركة والتبادلات الحيوية في مجال الثقافة.
يؤكد العام الثقافي 2018 وما رافقته من مبادرات متواصلة على روابط الصداقة الراسخة بين قطر وروسيا.
تعرّف على المزيد من فعاليات مبادرة الأعوام الثقافية المقبلة.