الأعوام الثقافية

false

false

استكشاف العلاقات الدبلوماسية بين قطر والهند

2025/01/16

تتجلى روابط الصداقة الطويلة الأمد بين قطر والهند في انخراطهما البارز في السياسة والاقتصاد والثقافة منذ أن بدأت علاقاتهما الدبلوماسية منذ أكثر من 50 عامًا. سنستكشف جوانب مختلفة من العلاقات القطرية الهندية، بما في ذلك روابطهما السياسية والاقتصادية والثقافية، إضافةُ إلى بعض المبادرات البارزة التي جرت فعالياتها خلال العام الثقافي قطر- الهند 2019.
 Qatar India diplomatic relations
Scroll down

العلاقات السياسية بين قطر والهند

لقد حافظت قطر والهند على علاقات دبلوماسية قوية جمعتهما منذ عام 1973، الذي تأسّست فيه العلاقات الثنائية الرسمية. واليوم، أصبحت قطر موطنًا لجالية هندية نشطة، تُشكّل حوالي 25% من سكانه.

توجد في نيودلهي سفارة دولة قطر، يرأس بعثتها الدبلوماسية سعادة السيد محمد حسن جابر الجابر، سفير دولة قطر لدى جمهورية الهند. ولقطر أيضًا قنصلية في مومباي.

ولدى جمهورية الهند سفارة في الدوحة، يرأسها سعادة السيد شري فيبول، سفير الهند في قطر. تؤدي هذه البعثات الدبلوماسية دورًا محوريًا في دعم الجالية الهندية في قطر. ويقدم المركز الثقافي الهندي في قطر دعمًا مهمًا في الشؤون القنصلية، مثل خدمات التأشيرة وتجديد جوازات السفر.

وقد انخرطت الدولتان في عدّة زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى أسهمت في تقوية التحالف بينهما. على سبيل المثال، زار حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، جمهورية الهند عام 2015. وعلى نحو مماثل، سافر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الدوحة عام 2016 في زيارة رسمية ركّز فيها على توطيد الروابط الاقتصادية، خاصة في قطاع الهيدروكربون.

وفي يونيو 2024، زار إس. جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي الدوحة للقاء كلّ من رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، حيث سلطت الزيارة الضوء على مجالات التعاون الرئيسية، بما فيها التجارة، والاستثمار، والطاقة، والأمن.

وتؤكد هذه المشاركة الدبلوماسية المستمرة على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الثنائية بين قطر والهند.

العلاقات الاقتصادية بين قطر والهند 

تتمتع كل من قطر والهند بعلاقات اقتصادية متينة ومبنية على ركائز أساسية تتمثل في التجارة والطاقة والاستثمار المتبادل. وتعدّ الهند ثاني أكبر شريك تجاري لقطر، حيث بلغت التجارة بين البلدين 18.7 مليار دولار أمريكي من عام 2022 إلى عام 2023.

وتعدّ قطر هي الأخرى أكبر مورّد للغاز الطبيعي المسال للهند، حيث تؤكد الصفقة الأخيرة التي بلغت قيمتها 78 مليار دولار بين قطر للطاقة وبترونت الهندية عمق هذه الشراكة.

وبعيدًا عن قطاع الطاقة، فإن العلاقات التجارية بين قطر والهند تواصل صعودها من قوة إلى أخرى؛ إذ تتميز المشاريع الهندية بحضور قوي في قطر، يعادل أكثر من 9000 شركة هندية منخرطة في قطاعات مختلفة مثل البناء وتكنولوجيا المعلومات والهندسة. وفي السنوات الأخيرة، انخرط جهاز قطر للاستثمار في استثمارات ضخمة في شركات هندية، شملت حصة بقيمة مليار دولار أمريكي في شركة ريلاينس رتيل فانترز (Reliance Retail Ventures) لرجل الأعمال الهندي موكيش أمباني عام 2023.

في يونيو 2024، انعقد في نيودلهي الاجتماع الافتتاحي لمجموعة العمل المشتركة للاستثمار بين قطر والهند، وركز على تطوير العلاقات الاستثمارية بين البلدين وتقويتها.

العلاقات الثقافية بين قطر والهند

لقد تميّزت العلاقات الثقافية بين قطر والهند بالتعاون والتبادل الثقافي المتكرر في السنوات الأخيرة، حيث تعكس الفعاليات الثقافية والتعليمية، مثل ورشات العمل والمعارض وعروض الأداء، العلاقة الحيوية المشتركة بين البلدين.

وتحت رعاية السفارة الهندية، يعمل المركز الثقافي الهندي في قطر بصفته مركزًا للأنشطة الثقافية، حيث ينظم فعاليات تحتفي بالتراث الهندي من خلال عروض ومعارض ومهرجانات في قطر. كما يقدم المركز دروسًا منتظمة، من اللغة الهندية واليوغا إلى الرقص الكلاسيكي الهندي والرقص الغربي.

وتحظى السينما الهندية، وخاصة بوليوود، بشعبية كبيرة في قطر، حيث تُعرض أفلامها بشكل منتظم في دور السينما المحلية، وتُنظم فعاليات بالتعاون مع مؤسسات ثقافية قطرية.

الفعاليات والمهرجانات: 

مهرجان بهارات أوتساف (Bharat Utsav) هو أحد الفعاليات السنوية البارزة التي يستضيفها المركز الثقافي الهندي في مركز قطر الوطني للمؤتمرات. تستعرض هذه الاحتفالية بالثقافة الهندية تقاليد البلد مثل الرقص الشعبي، وتضم عروضًا من مؤسسات اجتماعية وثقافية متنوعة ومن طلاب المدارس الهندية. ويحتفي المركز الثقافي الهندي كل عام بعيد استقلال الهند واليوم الجمهوري من خلال باقة متنوعة من البرامج الثقافية في قطر. 

وفي إطار العام الثقافي قطر – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا 2022، الذي جاء تزامنًا مع الذكرى السنوية العاشرة للمبادرة، استضافت حديقة متحف الفن الإسلامي مهرجانًا ضخمًا كان ثمرة تعاون بين متاحف قطر والمركز الثقافي الهندي، "العبور إلى الهند – مهرجان الجالية الهندية"، والذي دعا إليه الزوار لاكتشاف نسيج الثقافة الهندية الغني. وقد صادفت هذه الفعالية الثقافية الراقية أيضًا الذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال الهند.

وقد شاركت الهند أيضا في مهرجان الجاليات للاحتفال بافتتاح ساحة الأعلام في الدوحة، خلال بطولة كأس العالم  FIFAقطر 2022™. وفي إطار الفعالية التي استمرت لمدة 10 أيام، نظمت كل من السفارة الهندية والمركز الثقافي الهندي عروضًا للرقصات التقليدية للجمهور العالمي.

التعليم:

يوجد حاليًا حوالي 45 ألف طالب موزعون في 19 مدرسة هندية في قطر، فيما يواصل العديد من الطلاب الهنود تعليمهم العالي في قطر، مُسهمين بذلك في التبادل الفكري الهامّ بين الدولتين.

تتوفّر جامعة سافيتريباي فاله بونا (SPPU) الهندية المرموقة بدورها على حرم جامعي خارجي يقع في الدوحة.

الرياضة:

تتشارك الهند وقطر ذلك الشغف بالرياضة، وعلى وجه التحديد يجمعهما حب مشترك للعبة الكريكيت، فقد استضافت قطر دوريًا داخليًا فريدًا للكريكيت بصالة لوسيل الرياضية، والذي جمع تحت مظلته مجتمعات الرياضة في كلا البلدين معًا، وذلك في إطار فعاليات العام الثقافي 2019.

في عام 2022، زار نجم الكريكيت الهندي فيرات كوهلي  3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي في الدوحة، وتلقّى قميصًا من الشيخ عبد العزيز بن سعود آل ثاني، رئيس الاتحاد القطري للكريكيت.

قطر – الهند 2019: النسخة الثامنة من مبادرة الأعوام الثقافية 

ولعل أهم محطّة بصمت الرحلة الثقافية للبلدين كانت في العام الثقافي قطر - الهند 2019. وهي نسخة تضمّنت جدولًا زاخرًا بالفعاليات على مدار العام يحتفي بتراث كل من قطر والهند، من خلال الفن والرياضة وتفاعل المجتمع.

انطلقت النسخة الثامنة من مبادرة الأعوام الثقافية بعرض أشاد بصناعة السينما الهندية التي انتشر صداها عالميًا، تحت عنوان "رحلة إلى بوليوود: السينما الهندية" في الحي الثقافي كتارا. وبعد ذلك، تجمّع ما يزيد على 1600 شخص من عشاق اليوغا في متحف قطر الوطني لحضور جلسة يوغا في الهواء الطلق، وذلك بمناسبة اليوم العالمي الخامس لليوغا

جمع معرض "التقاليد والفنون والاستدامة: معبر إلى الجمال الخالد" الذي احتضنه متحف الفن الإسلامي، في جعبته مصممين من الهند وقطر لاستكشاف صيحات الأزياء المستدامة من خلال عدسة الحرف التقليدية. 

وشهدت فعاليات العام الثقافي 2019 معرضًا آخر بارزًا تحت مسمّى "أحجار كريمة ومجوهرات من البلاط الملكي الهندي"، استضافه متحف الفن الإسلامي. وقد ضمّ المعرض قطعًا بديعةً من العائلة الهندية المالكة، وجذب إليه حشودًا مهيبة. كما كشف معرض "مجموعة رقص ميديا" عن أعمال لفنانين هنود معاصرين في مَتحف: المتحف العربي للفن الحديث المرموق.

وفي معرض "حيث تلتقي الثقافات: لقاء فوتوغرافي بين قطر والهند" حصل المصوّرون من كلا البلدين على فرصة للمشاركة في تبادل ثقافي، الشيء الذي يُعزز بشدّة التفاعل الخلّاق بين الثقافتين.

بشكل عام، شهد العام الثقافي قطر- الهند 2019 نجاحًا باهرًا، حيث أبان عن الروابط العميقة المتجذّرة بين قطر والهند.

في الختام

تتمتع قطر والهند بتحالفات ودية قائمة على التعاون الدبلوماسي، والمصالح الاقتصادية المشتركة، والتجارة المزدهرة، والتبادل الثقافي المحفّز. ولعلّ هذه المبادرات من قبيل العام الثقافي قطر- الهند هي خير دليل على قوة هذه الشراكة، حيث توفر منصة للحوار والإبداع والتعاون بين دولتين نشيطتين، مع استمرارية في ازدهار العلاقة بينهما.

استكشفوا المزيد من الفعاليات المقبلة لمبادرة الأعوام الثقافية في قطر.