الأعوام الثقافية تجمع الأرجنتين وتشيلي وقطر في حوارٍ مشترك

بوينس آيريس، 27 سبتمبر 2025 – امتلأ مسرح مركز يوسينا ديل آرتي الثقافي، أحد أبرز الصروح الثقافية في بوينس آيرس، بأكثر من 400 شخص لحضور أول لقاء جماهيري مفتوح تنظمه مناظرات الدوحة التابعة لمؤسسة قطر في أميركا اللاتينية. أُقيمت الفعالية تحت عنوان "كيف ينبغي علينا إعادة تصور المدينة؟"، وذلك ضمن فعاليات العام الثقافي قطر – الأرجنتين وتشيلي 2025، وجمعت طلابًا من الأرجنتين وتشيلي وقطر إلى جانب خبراء عالميين لاستكشاف مستقبل الحياة الحضرية.

استُهلّت الأمسية بكلمة سعادة محمد الكواري، مستشار مبادرة الأعوام الثقافية لشؤون أميركا اللاتينية وسفير قطر السابق لدى المكسيك، الذي قال: "في الثقافة العربية، لطالما كان الحوار في صميم الحياة المجتمعية، من تقليد المجلس إلى تبادل الشعر والأفكار. فالمناظرة تعني الإصغاء والتعلّم والبحث عن أرضية مشتركة أكثر مما تعني الفوز أو الخسارة. وهذا هو الجوهر الذي أردنا أن نحمله إلى هذا اللقاء، وهو ما تشاركه الأعوام الثقافية مع مناظرات الدوحة".

أدارت الحوار الإعلامية مليكة بلال من قناة الجزيرة، وأشعل البرنامج نقاشًا حيويًا بين الخبراء: غوادالوبي غرانيرو رياليني، الخبيرة الاقتصادية الحضرية والباحثة في "مركز تنفيذ السياسات العامة من أجل العدالة والنمو" البحثي بالأرجنتين؛ وعاقل إسماعيل قاهرة، مدير البرنامج وأستاذ العمارة الإسلامية والعمران بجامعة حمد بن خليفة في قطر؛ ونيكولاس بويز سميث، المدير المؤسس لمبادرة "كرييت ستريتس" في المملكة المتحدة، إضافةً إلى مجموعة من الطلاب يمثلون مدنًا من شتى بقاع العالم. وكان من الموضوعات المتكررة التوتر بين السعي إلى تحقيق تنافسية عالمية والحاجة إلى تصميم يضع الإنسان في المقام الأول.

وتطرّق الحوار إلى أبرز القضايا التي تواجه المراكز الحضرية اليوم، بما في ذلك: الكثافة السكانية، والعدالة والشمولية، والعمارة العضوية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، واللامركزية، والتوازن بين الحياة الريفية والحضرية. وعاد النقاش مرارًا إلى الطموح نحو تحقيق التنافسية العالمية والحاجة إلى تصميم يضع الإنسان في جوهره.

وقال أمجد عطا الله، المدير الإداري لمناظرات الدوحة: "لا يمكن بناء مستقبل المدن بمعزل عن الآخرين، بل إن الأمر يتطلب حوارًا صادقًا يمد الجسور بين الثقافات والأجيال والتخصصات. في مناظرات الدوحة، نؤمن بأن الحلول تنشأ عندما ننخرط في حوار يتجاوز حدود الاختلاف. ومن خلال شراكتنا مع مبادرة الأعوام الثقافية، جمعنا طلابًا من الأرجنتين وتشيلي وقطر للتفاعل مع خبراء عالميين حول كيفية تطور المدن لتلبية احتياجات عالمنا سريع التغيّر."

أما بالنسبة للطلاب، فقد أتاح هذا اللقاء فرصة فريدة للتواصل عبر الثقافات وتبادل وجهات النظر. فقد شارك ممثلون من قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا جنبًا إلى جنب مع نظرائهم من الأرجنتين وتشيلي لتبادل الأفكار حول سبل تكيّف المدن مع ضغوط التغير المناخي، والهجرة، وانعدام المساواة، والتحولات الديموغرافية.

وكان اختيار المكان بحد ذاته انعكاسًا لموضوع الفعالية، إذ يُعد مركز يوسينا ديل آرتي الثقافي، وهو محطة طاقة قديمة أُعيد إحياؤها، رمزًا قويًا لإعادة الابتكار والتجديد، وهو جوهر الحوار الذي شهدته جدرانه.