الأعوام الثقافية

false

false

جدران تتكلّم: مبادرة جداري آرت تحمل الروح الفنية القطرية إلى تشيلي والأرجنتين

2025/12/01

30 نوفمبر 2025 – الدوحة، قطر: في عام اتّسم بإبداع عابر للحدود، اصطحب برنامج الأعوام الثقافية وإدارة الفن العام في متاحف قطر مبادرة جداري آرت - برنامج الفن العام المحبوب في قطر - في رحلة جديدة عبر أمريكا اللاتينية. وصل المشروع هذا الشهر إلى تشيلي والأرجنتين، محوّلًا الفضاءات العامة إلى صالات عرض في الهواء الطلق تحتفي بالصداقة والضيافة ولغة الفن التي تخاطب الجميع.

أُطلقت مبادرة جداري آرت عام 2020 تحت رعاية سعادة الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، ليُعيد تشكيل علاقة المجتمعات بالفن، جالبًا الجداريات والأعمال الفنية التركيبية إلى قلب الحياة اليومية.

Abdulla Al Sallat.jpg

فالديـفيا… حين تستيقظ جدران فالديـفيا

انضم الفنانان القطريان عائشة الفضالـة ومبارك المالك إلى فنانين تشيليين من خلال شراكة مع إدغار إندريس، أستاذ في جامعة جورج ميسون وعضو في معهد الفن العام. وسويًا، رسموا جداريات ضخمة على مبنى بلدية فالديـفيا وقسم العمارة بجامعة أسترال في تشيلي، فازدانت الجدران برموز من الطبيعة التشيلية والتقاليد القطرية.

قدّم مبارك المالك عمله "الحب والضيافة"، الذي مثّل قلب هذا التعاون. يشتهر المالك باستخدامه "البطّولة"، وهي غطاء الوجه التقليدي الذي ترتديه النساء القطريات، ودمج في جداريته عناصر قطرية مثل المبخرة مع عناصر أخرى من الحياة البرية التشيلية، فظهر طائر الشوكـاو القوي الصوت والمراوغ. ونسج الفنان بين زخارف الأقمشة القطرية وزهرة الكوبيوي التشيلية، جامعًا ألوان فالديـفيا الطبيعية بالتصاميم القطرية في تناغم بصري سلس.

Mubarak Al Malik.jpg

أما عائشة الفضالة، المعروفة فنيًا باسم "ألفا"، فقد تعاونت مع الجامعة لإبداع عمل يحتفي بثقافة فالديـفيا وجمالها. تُوصف فالديـفيا غالبًا بأنها بوابة منطقة باتاغونيا التشيلية، وتحيط بها مناظر طبيعية آسرة ألهمت عملها "رشفة من الثقافات".

استمدّت ألفا ألوان لوحتها من جبال المنطقة وغروب شمسها وباقة ألوانها الزاهية، واضعة فنجان القهوة القطري التقليدي في مركز التكوين الفني، تحيط به زخارف مستوحاة من طبيعة فالديـفيا. وظهرت أنماط الحناء التي استقتها من بحثها في أقمشة منطقة لوس ريوس، إلى جانب طائر الدندرية المحلّق وزهور التشيلكو المتدلّية.

بوينس آيرس… الجدران تستقبل أصواتًا جديدة

انتقل المشروع بعد أيام إلى بوينس آيرس، حيث عمل الفنانان القطريان عبد الله العمادي وعبد الله الصلات في أحد الأحياء الصاعدة في المدينة.

صوّرت جدارية العمادي لقاء الثقافات الذي يُجسده ذلك التبادل، حيث تظهر شمس مايو - رمز الأرجنتين الوطني - تحت ظل نخلة قطرية، وعليها بشت قطري، وتتقاسم القهوة والمَتّه، المشروب العشبي المحبوب في أمريكا اللاتينية، مع طائر الهورنيرو، الطائر الوطني للأرجنتين. ووُضع في طرف العمل كرسي فارغ يدعو المارة للانضمام إلى المشهد كرمز للترحيب والكرم والتواصل الثقافي. تطوّر العمل لاحقًا إلى تعاون حقيقي حين انضم الفنان الأرجنتيني لوتشو مونتوليفو، الذي يُطلَق عليه "أوليفو". وقد أضاف شخصيته الشهيرة الفتى المسافر، مانحًا الجدارية إحساسًا بالترحال والسرديات المشتركة.

Abdulla Alemadi and Olivo.jpg

بينما اتخذ الفنان الصلات مسارًا أكثر تأملًا. إذ تستلهم جداريته "من أجل الورود" من الفيلسوف ابن حزم الأندلسي، ويصفها بالقول: "تشير الجدارية إلى أن المعنى لا يطفو على السطح، بل يتمثل فيما يُدركه من يبحث بصدق. وتمامًا كما تكشف القصيدة عن نفسها لكل قارئ بطريقة مختلفة، تُتيح هذه الجدارية لكل مشاهد أن يكتشف نسخته الخاصة من حكايتها".

حوار بالألوان

قال ديميتري بوغارسكي، أخصائي تخطيط الفن العام في متاحف قطر: "لطالما كانت مبادرة جداري آرت تتمحور حول خلق محادثات من خلال الفن. وبمعاونة مبادرة الأعوام الثقافية، نأخذ هذا الحوار خارج قطر، لنمنح الفنانين فرصة للانغماس في بيئات جديدة وتبادل الأفكار مع المجتمعات المحلية. ما ترويه هذه الجداريات في الأرجنتين وتشيلي هو حكايات منسوجة بالألوان والأشكال. كما أنها تعمّق العلاقات الثقافية والدبلوماسية، وتوثّق شراكات طويلة الأمد بُنيت بفضل الأعوام الثقافية. نأمل أن يفتح هذا التبادل الإبداعي أبوابًا جديدة للبحث والتعاون وفرص الفنانين المستقبلية.”

ومنذ انطلاقها، أعادت مبادرة جداري آرت تعريف علاقة الفن بالفضاء العام في قطر، مزينة المدارس والشوارع ومشهد المدينة بشكل عام. ومع امتداد رؤيته إلى أمريكا اللاتينية، يرسّخ المشروع أحد مبادئ الدبلوماسية الثقافية في قطر: أن أقوى الروابط تُبنى عبر التجارب المشتركة.